قوله تعالى:{سوط عذاب}[الفجر: ١٣]. السوط في الأصل مصدر ساطه يسوطه أي خلطه، كقول كعب بن زهير:[من البسيط]
٧٦٦ - لكنه خلةٌ قد سيط من دمها ... فجعٌ وولعٌ وإخلافٌ وتبديل
فسمي به هذه الآلة المعروفة التي يعاقب بها، وهو ما يضفر من الجلود لأنه يخلط اللحم بالدم. فقوله:{سوط عذابٍ} على التشبيه بما يعرفون ألمه وإيجاعه، وإلا فشتان ما بين السوطين! وما أبلغ هذه الاستعارة عند أهل الذوق! وقيل: سمي سوطًا لاختلاط طاقاته بعضها ببعضٍ. وقيل: إشارة إلى أنه تعالى خلط لهم أنواع العذاب بعضها ببعضٍ، كقوله:{فليذوقوه حميمٌ وغساقٌ وآخر من شكله أزواجٌ}[ص: ٥٦ و ٥٧]. وقال الفراء: السوط اسمٌ للعذاب وإن لم يكن ثم ضربٌ بسوطٍ، والأول هو المعول عليه.
س وع:
قوله تعالى:{إن الساعة آتيةٌ}[طه: ١٥] يعني يوم القيامة. والساعة في الأصل: القطعة من الزمان وإن قصر. وعبر به عن القيامة وإن كانت متطاولة الأزمنة لقوله:{وإن يومًا عند ربك كألف سنةٍ مما تعدون}[الحج: ٤٧] تنبيهًا على سرعة الحساب. وإنه تعالى لا يفوته شيءٌ من أعمال خلقه من صالح وسيءٍ. فهو يجازي الفريقين في أسرع زمان في ظنكم. وعلى ذلك نبه بقوله تعالى:{كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعةٌ من نهارٍ}[الأحقاف: ٣٥]. والساعة عند أهل الفلك زمنٌ مخصوصٌ. وقوله تعالى:{وهو أسرع الحاسبين}[الأنعام: ٦٢] منبهٌ على ما تقدم.
وقوله تعالى:{ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ}[الروم: ٥٥]؛ فالساعة الأولى القيامة، والثانية القليل من الزمان. وقيل: الساعات التي هي