والمؤمنون يشهدون على المكذبين بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم. وهو جمع شاهدٍ نحو صاحبٍ وأصحابٍ، وناصرٍ وأنصارٍ. قوله:{شاهدين على أنفسهم بالكفر}[التوبة: ١٧] أي كل فرقةٍ تنسب إلى دين اليهود والنصارى المجوس سوى مشركي العرب؛ فإنهم كانوا يمتنعون من هذه الاسم. فجعل قبولهم لذلك شهادة على أنفسهم بالكفر. وقيل: لأنهم كانوا يقولون في تلبيتهم: [من الرجز]
٨٢٩ - ألا شريك لك ألا شريك لك ... هو لك تملكه وما ملك
قوله:{ونزعنا من كل أمةٍ شهيدًا}[القصص: ٢٥] أي اخترنا منهم نبيًا، وكل نبيٍّ شاهد على قومه. ثم «شهدت» يقال على ضربين: أحدهما جارٍ مجرى العلم وبلفظه تقام الشهادة. فيقول الشاهد: أشهد بكذا، ولا يكتفي بقوله: أعلم، بل لابد من لفظه بالشهادة. ولا يكتفي منه أيضًا بقوله: شهدت، أو أنا شاهد بكذا. بل لابد من قوله: أشهد، بلفظ المضارع. والثاني جارٍ مجرى التقسيم؛ فيقال: أشهد أن زيدًا منطلق. وعليه قوله:{أن تشهد أربع شهاداتٍ بالله}[النور: ٨] الآية. ويجري العلم في ذلك مجراه، فيجاب بما يجاب به القسم، كقول الشاعر:[من الكامل]
٨٣٠ - ولقد علمت لتأتين منيتي ... إن المنايا لا تطيش سهامها
وقال بعضهم: إذا قال: شهدت، ولم يقل: بالله أنه يكون قسمًا. وشهدت كذا: حضرته. وشهدت على كذا: أقمت عليه شهادتي. ومنه قوله تعالى:{يوم تشهد عليهم ألسنتهم}[النور: ٢٤]، {شهد عليهم سمعهم}[فصلت: ٢٠]. وقد يعبر