التفسير أنه جعل منكرهم حجارة وهو المسخ في الحقيقة. وأصل الطمس محو الأثر، ومنه طمس الأثر، وطسم مقلوبة. وطريق طامس: إذا لم يبق فيه أثر ولا علم. وأنشد لكعب بن زهير:[من البسيط]
٩٥٤ - عرضتها طامس الأعلام مجهول
قوله تعالى:{من قبل أن نطمس وجوهًا}[النساء: ٤٧] أي نجعلها مثل أقفائها لا عين ولا فم ولا أنف كالقردة. ومنه قوله تعالى:{ولو نشاء لطمسنا على أعينهم}[يس: ٦٦] أي محونا أثرها وأزلنا ضوءها كما يزال الأثر. وقيل:{من قبل أن نطمس وجوهًا}؛ ذلك في الدنيا بأن نجعل الشعر على وجوهكم فيكسوها، فتصير وجوهكم كوجوه القردة، وقد وقع ذلك لأسلافهم. وقيل: معناه: نردهم من الهداية إلى الضلالة كقوله: {وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة}[الجاثية: ٢٣]. وقيل: عنى بالوجوه الرؤساء والأكابر، أي نجعل رؤساءهم أسافل وأذنابًا كقول الأفوه الأودي:[من البسيط]
٩٥٥ - فالأذناب أكتاد
وذلك أعظم أسباب البوار. ومثله:((وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)). وقيل ذلك إشارة إلى ما يفعل بهم في الآخرة. وقيل: الطمس: استئثار أثر الشيء. ومنه قوله تعالى:{فإذا النجوم طمست}[المرسلات: ٨]. ومنه طمست الريح آثار القوم.