قوله تعالى:} أو عدل ذلك صيامًا {[المائدة: ٩٥] أي مثله ومساويه. قيل: العدل والعدل يتقاران. ولكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالأحكام وكالآية المتقدمة. والعدل هو التقسيط على سواءٍ. وعلى هذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"بالعدل قامت السماوات والأرض"
تنبيهًا أنه [لو] كان ركن من الأركان الأربعة في العالم زائدًا على الآخر أو ناقصًا عنه على مقتضى الحكمة الربانية، لم يكن العالم منتظمًا ولتطابقت السماوات والأرض. وقال البصريون: العدل والعدل لغتان بمعنى المثل. وقال أبو بكرٍ: العدل: ما عادل الشيء من جنسه، وبالفتح ما عادله من غير جنسه، يقال: عندي من الدراهم عدل دراهمك ومن الثياب عدل دراهمك بالفتح.
ثم العدل ضربان: مطلق يقتضي العقل حسنه، ولا يكون في شيء من الأوقات منسوخًا، ولا يوصف بالاعتداء بوجهٍ، نحو الإحسان إلى من أحسن إليك، وكف الأذى عمن كف أذاه عنك. والثاني مقيد بالشرع ويتطرق إليه النسخ في بعض الأزمنة كأروش الجنايات والقصاص وأخذ مال المرتد. ومن ثم قال تعالى:} فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم {[البقرة: ١٩٤]} وجزاء سيئة سيئة مثلها {[الشورى: ٤٠] فسمي بذلك سيئًة واعتداًء. وهذا النحو هو المعنى بقوله تعالى:} إن الله يأمر بالعدل والإحسان {[النحل: ٩٠]؛ فالعدل هنا: المساواة في المكافأة إن خيرًا فخيرن وإن شرا فشر. والإحسان أن يقابل بالخير مثله وزيادة، والشر بأقل منه. والعدل: العدالة أيضًا، وهي في الرجل لفظ يقتضي معنى المساواة وكذلك المعدلة. وقوله تعالى:} وأشهدوا ذوي عدلٍ منكم {[الطلاق: ٢] أي عدالةٍ، ويوصف به الواحد المذكر