للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: هو كناية عن السعة من غر نظرٍ إلى طولٍ ولا عرضٍ. وأصل العرض والطول أن يستعملا في الأجسام، وقد يتجوز بهما في غيرهما. ومنه قوله تعالى:} فذو دعاءٍ عريضٍ {[فصلت: ٥١] والعرض مخصوص بالجانب. وعرض الشيء: بدا عرضه. ومنه قولهم: عرضت العود على الإناء. واعترض الشيء في حلقه: وقف فيه بالعرض. واعترض الفرس في مشيه. وفيه عرضه أي اعتراض في مشيه من الصعوبة. ومنه قوله تعالى:} ولا تجعلوا الله عرضًة لأيمانكم {[البقرة: ٢٢٤] قيل: معناه: ولا تجعلوه معرضًا لها ومعدًا لأن ذلك يشعر بقلة المبالاة، من قولك: هذا بعير عرضة للسفر. وأنشد لعبد الله بن الزبعري: [من الطويل]

١٠٠٩ - فهذي لأيام الحروب وهذه ... للهوي وهذي عرضة لا رتحاليا

وقال المبرد: العرضة: الاعتراض في الخير والشر. يقول: لا تعترضوا باليمين في كل ساعةٍ أن لا تبروا ولا تتقوا. وقيل: لا تجعلوه معترضًا بينكم وبين فعل البر، وذلك أن الرجل يحلف ألا يفعل الخير ولا يبر فلانًا فيجعل الإيمان معترضًة بين فعله الخير وبينه وقيل: هي المنع، أي: لا تجعلوه مانعًا لكم من البر والتقوى. ويدل عليه الحديث: "من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير" وقد أتقنا هذه المسألة وأوسعنا فيها العبارة إحكامًا وإعرابًا وتفسيرًا في "القول الوجيز" و"الدر النظيم" وغيرهما ولله الحمد والمنة. وقوله تعالى في موضعٍ:} عرضها السماوات والأرض {[آل عمران: ٢٣٣] وفي موضعٍ آخر:} كعرض {[الحديد: ٢١]. فصرح بحرف التشبيه لما بيناه في غير هذا. قال بعضهم: أراد بالعرض في الموضعين الذي هو خلاف الطول. قال: وتصور ذلك على أحد وجوهٍ: إما أن يريد به أن يكون عرضها في السماء الأخيرة كعرض السماوات والأرض في النشأة الأولى، وذلك أنه قد قال:} يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات {[إبراهيم: ٤٨] قال: فلا يمتنع أن تكون السماوات والأرض في النشأة الأخيرة أكبر مما هي الآن وروي أن يهوديًا سأل عمر رضي الله تعالى عنه عن هذه الآية وقال: فأين النار؟ فقال عمر: فإذا جاء الليل فأين النهار؟ وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>