وقال إسحاق:«ولَو جاز لأحَدٍ أن يُوَقِّت لَهنَّ وَقتًا؛ يكون ذلك الوَقت أقصَى ما يَحِضن، ويَجعَل النِّساء كُلَّهنَّ في ذلك الوَقت شرعًا واحِدًا؛ لَكان ما وَقَّت النبي صلى الله عليه وسلم لِحمنة بنت جحش الحَيضَ سَبعَة أيام، والطُّهرَ ثلاثًا وعِشرين؛ أَشبَهَ الأوقات؛ لأن الغالِب مِن أَمر النِّساء كذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لها: «كما يَحِضنَ النِّساء وكما يَطهُرن»، فكان في هذا دلالَةُ أن يَكون هذا الوَقت للنِّساء كُلِّهنّ، ولكن لَمَّا سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم للنِّساء اللاتي استُحِضنَ، فَسَألنَه، فحَكَم لَهنَّ بِحُكمٍ مُختَلِف؛ لِمَا رُكِّبَ فيهنَّ من اختِلاف طَبائعِهن- عَلِمنا أن أَمرَ النبي صلى الله عليه وسلم لِحمنة في السَّبعَة الأيام لِمَا وصَفَت وأَكثَرَت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أُستَحاض حَيضَةً كَثيرَةً شَديدَة؛ مَنَعَتني الصَّلاة والصوم، فقال:«أَنعَتُ لكِ الكرسُف؛ فإنه يُذهِب الدم»، فلم يُقنِعها ذلك مِن قَولِه، وقالت: هو أَكثَر من ذلك، قال:«فتَلَجَّمي»، قالت: هو أَكثَر من ذلك، قال:«فاتَّخِذي ثَوبًا»، قالت: إنما أَثُجُّ ثَجًّا، فَحينَئذٍ أَمَرَها بِتَحَرِّي وَقتِها، وأن تَجلِس سَبعًا، فإذا كانت المرأة في حال استِحاضَتِها، واختِلاط حَيضِها، وقِلَّة مَعرِفَتها لأوقاتها على ما وَصَفنا؛ حَكَمنا لَها بِحُكم حمنة بنت جحش، ولم نَجعَل ⦗٢٧٩⦘ السَّبع للنِّساء كُلِّهنّ؛ لِمَا وَصفنا من هذه العِلل.