للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

باب: المستَحَاضَة

• سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «قد مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم في المستَحاضَة على أَوجُه مُختَلِفة؛ لاختِلاف طَبائعِهنّ، وكل ذلك يُصَدِّق بَعضُه بَعضًا، وتَناوَلَه الذين لا يَعلَمون على التَّناقُض والاختِلاف.

والحَيض أَمرٌ لا يُدرَك بالعُقول والمقاييس؛ لأن الحَيض خِلقَةٌ رُكِّبَت في النِّساء، ولا يَستَوين في ذلك، فمَن عَقَلَ ما وَصَفنا وتَفَهَّم؛ عَلِمَ أن ذلك كذلك، وكَيف يَجوز للعالِم أن يَجعل حَيض النِّساء على أَمرٍ واحِدٍ؛ يُوَقِّت لَهُنَّ في ذلك وَقتًا لا تَقصُر عن أدناه، ولا تُجاوز أقصاه؛ وقد تَبَيَّن له من أَمر النِّساء ما كان له فيه غُنيَةٌ وكِفايَةٌ عن صِفاتِنا؟! لأنهم قد عَلِموا وأبصَروا أن حَيض النِّساء يكون ثلاثًا وأربَعًا وخَمسًا وسِتًّا وسَبعًا وثمانيًا وتسعًا وعَشرًا، مع أنهم يَعلَمون أن الغالِب من حَيضهم (١) السِّتُّ والسَّبع؛ كما وَصَفَ النبي صلى الله عليه وسلم لِحمنة بنت جحش السَّبع والسِّتّ، وقال لها: «تَحَيَّضي كما تَحَيَّض النِّساء وكما يَطهُرن لِميقات حَيضِهنَّ وطُهرِهنّ»، وسَمِعنا مِن النِّساء مَن تَحيض يَومَين ثم تَطهُر كما يكون طُهر النِّساء، أو تَحيض أَحَدَ عَشَرَ يَومًا، أو اثنَي عَشَرَ يَومًا، أو ثلاثَةَ عَشَرَ يَومًا، أو أَربَعَةَ عَشَرَ يَومًا، أو خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا؛ ⦗٢٧٧⦘ كلُّ ذلك قد صَحَّ عن العُلماء، واستَيقَنوا ذلك من نِسائهم وغَيرِهنّ، حتى إن بَعضَهم قال: «وحاضَت امرأةٌ من نِساء الماجِشون عِشرين يَومًا حَيضًا مُعتَدِلًا»، وأنكَرَ ذلك مالكُ بن أنس، وعِدَّةٌ من عُلَماء المدينَة، ولم يَرَوا الوَقت إلا خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، وجَعَلوا الخَمسَةَ عَشَر آخِرَ وَقت الحائض، وقال مالك: «لا تَحيض المرأة أَكثَر من نِصف دَهرِها»، وقد صَحَّ الخَمسَةَ عَشَر عن غَير واحِدٍ من العُلَماء، مِثل: عَطاء بن أبي رَبَاح، ومالك بن أنس مِن بَعدِه، وثلاثَةَ عَشَر عن سَعيد بن جُبَير، وحتى إن الأوزاعي ومالك بن أنس قالا: «كانت عندنا امرأةٌ تَحيض يَومًا واحِدًا حَيضًا مُعتَدِلًا»:


(١) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والوجه: "حيضهن"، ويحتمل فيها: "حُيَّضِهم".

<<  <   >  >>