وإنما مَعنَى قول عائشَة:«حتى تَرَين القصَّة البَيضاء»: إذا كان ذلك عند انقِضاء أيام مَحيضها؛ قالت: لا تَغتَسل ما دامت تَرَى صُفرَةً أو كُدرَة، يعني: في أيام الحيض، فإذا انقَضَى حَيضها اغتَسَلَت وصَلَّت.
والذين قالوا: إذا كانت التَّريَّة بَعد أيام حَيضها مع حَيضها؛ لا تَرَى طُهرًا بَينَهما؛ فذلك حَيضٌ حتى تَستكمِل أقصَى أيام أقرائها، على ما قال الحكم والحارِث العِكلي: يَتَبَيَّن دمُ الحَيض من الاستِحاضَة إذا أَدرَكَ قُرءٌ قُرءًا؛ فَحينَئذٍ هي مُستَحاضة؛ لِمَا يكون الدم مُتَغَيِّرًا.
والقَول الأوَّل أَشبَهُ بِسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حَيثُ أَمَرَ المستَحاضَة أن تَجلِس أيام أقرائها، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي، وهذا الذي نَعتَمِد عَلَيه، وعَلَيه أَكثَر أهل العِلم».
• وقال إسحاق:«وقد اختَلَفوا في الكَدَر في أيام الحَيض، فقال بعضهم: لَيسَ بِحَيض، وخالَف أَكثرهم في ذلك. وأما الصُّفرَة وما أَشبَهَها؛ فهو عند أهل العِلم كُلِّهم حَيضٌ؛ إذا كان ذلك في أيام الحَيض».
٦١٢ - حدثنا محمد بن يَحيى بن أبي حَزم، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا ابن جُرَيج، قلت لعَطاء: الحائض رَأَت الطُّهر، فتَطَهَّرَت، ثم رَأَت بَعده دَمًا، أَحَيضَةٌ؟ قال: «لا، إذا رَأَت الطُّهر فلتُصَلي (١)، فإذا رَأَت بَعدَه دَمًا؛ فلَيسَت بِحَيضَة، هي مُستَحاضَة».