للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى عِوَضٍ) فَيُبَاحُ لَهُ إجَابَتُهَا. لِأَنَّ الْمَنْعَ لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْعِدَّةِ، وَمَعَ سُؤَالِهَا قَدْ أَدْخَلَتْ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهَا.

وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يُبَاحُ إنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقًا بِلَا عِوَضٍ. وَلَا إنْ كَانَ السَّائِلُ غَيْرَهَا.

(وَ) يَمْنَعُ أَيْضًا (اعْتِدَادًا بِأَشْهُرٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] فَأَوْجَبَ الْعِدَّةَ بِالْقُرُوءِ، وَلِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} [الطلاق: ٤] الْآيَةَ (إلَّا) الِاعْتِدَادُ (لِوَفَاةٍ) فَبِالْأَشْهُرِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَلَوْ أَنَّهَا تَحِيضُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]

(وَيُوجِبُ) الْحَيْضُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ (الْغُسْلَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا. ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَ) يُوجِبُ (الْبُلُوغَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، فَأَوْجَبَ أَنْ تَسْتَتِرَ لِأَجْلِ الْحَيْضِ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ حَصَلَ بِهِ.

(وَ) يُوجِبُ (الِاعْتِدَادَ بِهِ إلَّا لِوَفَاةٍ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ. زَادَ فِي الْإِقْنَاعِ الْحُكْمَ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ فِي الِاعْتِدَادِ وَالِاسْتِبْرَاءِ إذْ الْحَامِلُ لَا تَحِيضُ.

وَالْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ فِيهِ (وَنِفَاسٌ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْحَيْضِ فِيمَا يَمْنَعُهُ وَيُوجِبُهُ (إلَّا) فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءٍ (اعْتِدَادٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرُوءٍ، فَلَا تَتَنَاوَلُهُ الْآيَةُ (وَكَوْنُهُ) أَيْ النِّفَاسِ (لَا يُوجِبُ بُلُوغًا) لِأَنَّهُ حَصَلَ بِالْإِنْزَالِ السَّابِقِ لِلْحَمْلِ (وَ) كَوْنُهُ (لَا يُحْتَسَبُ بِهِ فِي مُدَّةِ إيلَاءٍ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ الَّتِي تُضْرَبُ لِلْمَوْلَى لِطُولِ مُدَّتِهِ، بِخِلَافِ الْحَيْضِ (وَلَا يُبَاحُ قَبْلَ غُسْلٍ بِانْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ غَيْرَ صَوْمٍ) لِأَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ لَا يَمْنَعُ فِعْلَهُ كَالْجَنَابَةِ (وَ) غَيْرَ (طَلَاقٍ) لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ.

وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ وَيُبَاحُ أَيْضًا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ: لُبْثٌ بِمَسْجِدٍ بِوُضُوءٍ. وَتَقَدَّمَ (وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ) زَوْجٌ وَسَيِّدٌ (مِنْ حَائِضٍ بِدُونِ فَرْجٍ) مِمَّا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتَيْهَا. لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] أَيْ اعْتَزِلُوا نِكَاحَ فُرُوجِهِنَّ. وَلِأَنَّ الْمَحِيضَ اسْمٌ لِمَكَانِ الْحَيْضِ كَالْمَقِيلِ وَالْمَبِيتِ، فَيُخَصُّ التَّحْرِيمُ بِهِ.

وَلِهَذَا لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي لَفْظٍ " إلَّا الْجِمَاعَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَحِلُّ مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ: لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حِزَامِ بْنِ حَكِيمٍ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ حَزْمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>