[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]
ِ وَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١] " الْآيَةَ وَقَوْلُ يَعْلَى لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «مَا لَنَا نَقْصُرُ وَقَدْ أَمِنَّا؟ فَقَالَ: سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» .
" رَوَاهُ مُسْلِمٌ (مَنْ نَوَى) أَيْ: ابْتَدَأَ نَاوِيًا (سَفَرًا مُبَاحًا) أَيْ: لَيْسَ حَرَامًا وَلَا مَكْرُوهًا، وَاجِبًا كَانَ كَحَجٍّ وَجِهَادٍ مُتَعَيِّنَيْنِ، أَوْ مَسْنُونًا كَزِيَارَةِ رَحِمٍ، أَوْ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ كَتِجَارَةٍ (وَلَوْ) كَانَ (نُزْهَةً وَفُرْجَةً) ، أَوْ قَصَدَ مَشْهَدًا، أَوْ قَبْرَ نَبِيٍّ، أَوْ مَسْجِدًا غَيْرَ الثَّلَاثَةِ، أَوْ نَحْوَهُ أَوْ عَصَى فِي سَفَرِهِ.
وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ آبِقٍ أَوْ ضَالَّةٍ، وَلَوْ جَاوَزَ الْمَسَافَةَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَإِنَّ مَنْ نَوَاهُ وَقَصَرَ، ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِهِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَيَأْتِي لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الْمَسَافَةِ لَا حَقِيقَتُهَا (، أَوْ هُوَ) أَيْ: السَّفَرُ الْمُبَاحُ (أَكْثَرُ قَصْدِهِ) كَتَاجِرٍ قَصَدَ التِّجَارَةَ، وَقَصَدَ مَعَهَا أَنْ يَشْرَبَ مِنْ خَمْرِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ.
فَإِنْ تَسَاوَى الْقَصْدَانِ، أَوْ غَلَبَ الْحَظْرُ، أَوْ سَافَرَ لِيَقْصُرَ فَقَطْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ، وَيَأْتِي لَوْ سَافَرَ لِيُفْطِرَ، حَرُمَا (يَبْلُغُ) أَيْ: السَّفَرُ (سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا تَقْرِيبًا) لَا تَحْدِيدًا (بَرًّا، أَوْ بَحْرًا) لِلْعُمُومَاتِ (وَهِيَ) أَيْ: السِّتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا (يَوْمَانِ قَاصِدَانِ) أَيْ: مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ (أَرْبَعَةَ بُرُدٍ) جَمْعُ بَرِيدٍ.
لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ» " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ.
قَالَ الْخَطَّابِيِّ: هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ، خُصُوصًا إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ.
(وَالْبَرِيدُ: أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ هَاشِمِيَّةٌ) نِسْبَةً إلَى هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَبِأَمْيَالِ بَنِي أُمَيَّةَ مِيلَانِ وَنِصْفٌ وَالْمِيلُ الْهَاشِمِيُّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ، وَهِيَ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْيَدِ (وَالذِّرَاعُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَةً مُعْتَدِلَةً، كُلُّ أُصْبُعٍ) مِنْهَا عَرْضُهَا (سِتُّ حِبَّاتِ شَعِيرٍ، بُطُونُ بَعْضِهَا إلَى) بُطُونِ (بَعْضٍ، عَرْضُ كُلِّ شَعِيرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ بِرْذَوْنٍ) .
قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: التُّرْكِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute