لِإِجْزَاءِ زَكَاةٍ (تَمْلِيكُ الْمُعْطَى) لَهُ، لِيَحْصُلَ لَهُ الْإِيتَاءُ الْمَأْمُورُ بِهِ، فَلَا يَكْفِي إبْرَاءُ فَقِيرٍ مِنْ دَيْنِهِ، وَلَا حَوَالَتِهِ بِهَا. وَكَذَا لَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنُ مَيِّتٍ غَرِمَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا.
(وَلِلْإِمَامِ قَضَاءُ دَيْنٍ عَنْ) غَارِمٍ (حَيٍّ) مِنْ زَكَاةٍ بِلَا إذْنِهِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي إيفَائِهِ، وَلِهَذَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ (وَالْأَوْلَى لَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ دَفْعُ زَكَاةٍ إلَى سَيِّدِ مُكَاتَبٍ.
(وَ) الْأَوْلَى (لِمَالِكٍ) مُزَكٍّ (دَفْعُهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (إلَى سَيِّدِ مُكَاتَبٍ لِرَدِّهِ) أَيْ: سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ (مَا قَبَضَ) مِنْ زَكَاةِ مَالِ كِتَابَةٍ (إنْ رَقَّ) مُكَاتَبٌ (بِعَجْزِهِ) عَنْ وَفَاءِ كِتَابَتِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ الَّذِي لِأَجْلِهِ كَانَ الْأَخْذُ (لَا) يَرُدُّ سَيِّدُ مُكَاتَبٍ (مَا قَبَضَ مُكَاتَبٌ مِنْ زَكَاةٍ) وَدَفَعَهُ لِسَيِّدِهِ، ثُمَّ عَجَزَ أَوْ مَاتَ وَنَحْوَهُ وَلَوْ بِيَدِهِ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ.
(وَلِمَالِكِ) زَكَاةٍ (دَفْعُهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (إلَى غَرِيمٍ مَدِينٍ) مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (بِتَوْكِيلِهِ) أَيْ: الْمَدِينِ (وَيَصِحُّ) تَوْكِيلُ مَدِينٍ لِرَبِّهَا فِي ذَلِكَ (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا) مَدِينٌ.
(وَ) لِلْمَالِكِ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى غَرِيمٍ مَدِينٍ (بِدُونِهِ) أَيْ تَوْكِيلِ الْمَدِينِ نَصًّا ; لِأَنَّهُ دَفَعَ الزَّكَاةَ فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْمَدِينِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ فَقَضَى بِهَا دَيْنَهُ.
[فَصْلٌ: مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهَا]
كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (أُبِيحَ لَهُ سُؤَالُهُ) نَصًّا لِظَاهِرِ حَدِيثِ «لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ» وَلِأَنَّهُ يَطْلُبُ حَقَّهُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ سُؤَالُ مَا لَا يُبَاحُ أَخْذُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ، إلَّا أَنَّهُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْأَبِ أَيْسَرُ (وَلَا بَأْسَ بِمَسْأَلَةِ شُرْبِ الْمَاءِ) نَصًّا وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي الْعَطْشَانِ، يَسْتَقِي: يَكُونُ أَحْمَقَ، وَلَا بَأْسَ بِفِعْلِهِ بِالِاسْتِعَارَةِ وَالِافْتِرَاضِ نَصًّا، وَكَذَا نَحْوُ شِسْعِ النَّعْلِ (وَإِعْطَاءِ السُّؤَالِ) جَمْعُ سَائِلٍ (مَعَ صِدْقِهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِحَدِيثِ «لَوْ صَدَقَ مَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُ» احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَأَجَابَ بِأَنَّ السَّائِلَ إذَا قَالَ: أَنَا جَائِعٌ، وَظَهَرَ صِدْقُهُ وَجَبَ إطْعَامُهُ، وَإِنْ سَأَلُوا مُطْلَقًا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَمْ يَجِبْ إعْطَاؤُهُمْ، وَلَوْ أَقْسَمُوا ; لِأَنَّ إبْرَارَ الْقَسَمِ إنَّمَا هُوَ إذَا أَقْسَمَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَإِنْ جَهِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute