(فَقَالَ نَعَمْ وَ) قِيلَ (لِمُتَزَوِّجٍ أَقَبِلْت فَقَالَ نَعَمْ صَحَّ) النِّكَاحُ، لِأَنَّ نَعَمْ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ أَزَوَّجْتَ وَأَقْبَلْتَ وَالسُّؤَالُ مُضْمَرٌ فِي الْجَوَابِ مَعَادٌ فِيهِ فَمَعْنَى نَعَمْ مِنْ الْوَلِيِّ زَوَّجْتُهُ فُلَانَةَ وَمَعْنَى نَعَمْ مِنْ الْمُتَزَوِّجِ قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ وَلَا احْتِمَالَ فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْعَقِدَ بِهِ، وَلِهَذَا كَانَتْ صَرِيحَةً فِي الْإِقْرَارِ بِحَيْثُ يُقْطَعُ السَّارِقُ بِهَا مَعَ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَ (لَا) يُصْبِحُ نِكَاحًا (إنْ تَقَدَّمَ) فِيهِ (قَبُولٌ) عَلَى إيجَابٍ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْمَاضِي كَقَوْلِهِ تَزَوَّجْت ابْنَتَك فَيَقُولُ: زَوَّجْتُكَهَا أَوْ الْأَمْرِ فَيَقُولُ: زَوِّجْنِي ابْنَتَك فَيَقُولُ زَوَّجْتُكَهَا لِأَنَّ الْقَبُولَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْإِيجَابِ فَمَتَى وُجِدَ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ قَبُولًا لِعَدَمِ مَعْنَاهُ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْمُعَاطَاةِ وَكُلُّ مَا أَدَّى مَعْنَاهُ وَالْخُلْعِ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ (وَإِنْ تَرَاخَى) قَبُولٌ عَنْ إيجَابٍ (حَتَّى تَفَرَّقَا) مِنْ الْمَجْلِسِ (أَوْ تَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا بَطَلَ الْإِيجَابُ) لِلْإِعْرَاضِ عَنْهُ بِالتَّفَرُّقِ أَوْ الِاشْتِغَالِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَشْبَهَ مَا لَوْ رَدَّهُ فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَا تَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ صَحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّ بِدَلِيلِ حُكْمِ الْمَجْلِسِ حُكْمَ حَالَةِ الْعَقْدِ صِحَّةَ الْقَبْضِ فِيمَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ فِيهِ.
(وَمَنْ أَوْجَبَ) أَيْ صَدَرَ مِنْهُ إيجَابُ عَقْدٍ (وَلَوْ) كَانَ الْإِيجَابُ (فِي غَيْرِ نِكَاحٍ) كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ (ثُمَّ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبُولٍ) لِمَا أَوْجَبَهُ (بَطَلَ) إيجَابُهُ بِذَلِكَ (كَ) بُطْلَانِهِ (بِمَوْتِهِ) أَوْ بِمَوْتِ مَنْ أَوْجَبَ لَهُ، لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِيجَابِ إذَنْ أَشْبَهَ الْعُقُودَ الْجَائِزَةَ وَ (لَا) يَبْطُلُ الْإِيجَابُ (إنْ نَامَ) مَنْ أَوْجَبَ عَقْدًا قَبْلَ قَبُولِهِ، إنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ، لِأَنَّ النَّوْمَ لَا يُبْطِلُ الْعُقُودَ الْجَائِزَةَ (وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ) دُونَ غَيْرِهِ كَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٠] الْآيَةَ
[فَصْلٌ شُرُوطُ النِّكَاحِ]
فَصْلٌ وَشُرُوطُهُ أَيْ النِّكَاحِ خَمْسَةٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الشَّرْطِ. أَحَدُهَا (تَعْيِينُ) (الزَّوْجَيْنِ) فِي الْعَقْدِ، لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَ الْبَيْعَ (فَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ إنْ قَالَ الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك بِنْتِي وَلَهُ) بِنْتٌ (غَيْرُهَا حَتَّى يُمَيِّزَهَا) اسْمًا كَفَاطِمَةَ أَوْ صِفَةً لَا يُشَارِكُهَا فِيهَا غَيْرُهَا مِنْ أَخَوَاتِهَا كَالْكُبْرَى أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute