للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَلِيلِ الْمُضَارَبَةِ.

وَشَرِكَةِ الْعِنَانِ (وَكُلٌّ) مِنْ شَرِيكَيْ الْوُجُوهِ (وَكِيلُ الْآخَرِ) فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ (وَكَفِيلُهُ بِالثَّمَنِ) ; لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ (وَمِلْكٍ) فِيمَا يَشْتَرِيَانِ كَمَا شَرَطَا ; لِحَدِيثِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» ; وَلِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ فَتَتَقَيَّدُ بِمَا وَقَعَ الْإِذْنُ وَالْقَبُولُ فِيهِ (وَرِبْحٍ كَمَا شَرَطَا) مِنْ تَسَاوٍ وَتَفَاضُلٍ ; لِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يَكُونُ أَوْثَقَ عِنْدَ التُّجَّارِ وَأَبْصَرَ بِالتِّجَارَةِ مِنْ الْآخَرِ ; وَلِأَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ عَلَى عَمَلٍ وَغَيْرِهِ. فَكَانَ رِبْحُهَا عَلَى مَا شُرِطَ كَشَرِكَةِ الْعِنَانِ (وَالْوَضِيعَةُ) أَيْ: الْخُسْرَانُ بِتَلَفٍ، أَوْ بَيْعٍ يَنْقُصَانِ عَمَّا اشْتَرَى بِهِ (عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ) فَمَنْ لَهُ فِيهِ ثُلُثَانِ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الْوَضِيعَةِ وَمَنْ لَهُ الثُّلُثُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُهَا سَوَاءٌ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ أَوْ لَا، ; لِأَنَّ الْوَضِيعَةَ نَقْصُ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمُلَّاكِهِ، فَيُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ (وَتَصَرُّفُهُمَا) أَيْ: شَرِيكَيْ الْوُجُوهِ فِيمَا يَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ. وَيَجِبُ وَشُرُوطٌ وَإِقْرَارٌ وَخُصُومَةٌ وَغَيْرُهَا (كَ) تَصَرُّفِ (شَرِيكَيْ عِنَانٍ) عَلَى مَا سَبَقَ.

[فَصْلٌ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ]

فَصْلٌ الضَّرْبُ الرَّابِعُ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ; لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عَمَلِ أَبْدَانِهِمَا (وَهِيَ) نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا (أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَتَمَلَّكَانِ بِأَبْدَانِهِمَا مِنْ مُبَاحٍ كَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَتَلَصُّصٍ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهِ) كَسَلْبِ مَنْ يَقْتُلَانِهِ بِدَارِ حَرْبٍ. وَاحْتُجَّ بِأَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَشْرَكَ بَيْنَ عَمَّارٍ وَسَعْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ وَلَمْ يَجِيئَا بِشَيْءٍ» وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْأَثْرَمُ. وَكَانَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ غَنَائِمُهَا لِمَنْ أَخَذَهَا قَبْلَ أَنْ يُشْرِكَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمْ. وَلِهَذَا نُقِلَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحَاتِ ; وَلِأَنَّ الْعَمَلَ أَحَدُ جِهَتَيْ الْمُضَارَبَةِ فَصَحَّتْ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِ كَالْمَالِ. النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا (يَتَقَبَّلَانِ فِي ذِمَمِهِمَا مِنْ عَمَلٍ) كَحِدَادَةٍ وَقِصَارَةٍ وَخِيَاطَةٍ.

وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا أَتَقَبَّلُ وَأَنْتَ تَعْمَلُ وَالْأُجْرَةُ بَيْنَنَا. صَحَّ ; لِأَنَّ تَقَبُّلَ الْعَمَلِ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُتَقَبِّلِ وَيَسْتَحِقُّ بِهِ الرِّبْحَ، فَصَارَ كَتَقَبُّلِهِ الْمَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ، وَالْعَمَلُ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعَامِلُ الرِّبْحَ كَعَمَلِ الْمُضَارِبِ فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمُضَارَبَةِ (وَيُطَالِبَانِ بِمَا يَتَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا) مِنْ عَمَلٍ (وَيَلْزَمُهُمَا عَمَلُهُ) ; لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الضَّمَانِ فَكَأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ ضَمَانَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ مَا يَلْزَمُهُ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (طَلَبُ أُجْرَةِ) عَمَلٍ وَلَوْ تَقَبَّلَهُ صَاحِبُهُ وَيَبْرَأُ مُسْتَأْجِرٌ بِدَفْعِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>