فِي الْقَوَاعِدِ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ كَالشُّفْعَةِ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مَا وُقِفَ أَوْ عَتَقَ لِمَنْعِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهِ. وَقِيَاسُهُ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا آخِذُهَا (وَتَمَلَّكَ غَنِيمَةً بِاسْتِيلَاءٍ) عَلَيْهَا (وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ) لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ التَّامَّ سَبَبُ الْمِلْكِ. وَقَدْ وُجِدَ لِثُبُوتِ أَيْدِينَا عَلَيْهَا حَقِيقَةً وَلِزَوَالِ مِلْكِ كُفَّارٍ عَنْهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُمْ لِعَبْدٍ مِنْهَا وَالْمِلْكُ لَا يَزُولُ إلَى غَيْرِ مَالِكٍ (كَعِتْقِ عَبْدِ حَرْبِيٍّ وَإِبَانَةِ زَوْجَةِ حَرْبِيٍّ أَسْلَمَا) أَيْ الْعَبْدُ وَالزَّوْجَةُ (وَلَحِقَا بِنَا) أَيْ بِدَارِ حَرْبٍ. وَإِبَانَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى قَوْلٍ. وَيَأْتِي فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِلُحُوقِهَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ
(وَتَجُوزُ قِسْمَتُهَا) أَيْ الْغَنِيمَةِ (فِيهَا) أَيْ دَارِ الْحَرْبِ، لِمَا رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ قَالَ: قُلْت لِلْأَوْزَاعِيِّ «هَلْ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ الْغَنَائِمِ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إنَّمَا كَانَ النَّاسُ يَبِيعُونَ غَنَائِمَهُمْ وَيُقَسِّمُونَهَا فِي أَرْضِ عَدُوِّهِمْ وَلَمْ يَقْفِلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غَزَاةٍ قَطُّ أَصَابَ فِيهَا غَنِيمَةً إلَّا خَمَّسَهَا، وَقَسَّمَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْفِلَ، مِنْ ذَلِكَ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَهَوَازِنَ وَحُنَيْنٍ»
(وَ) يَجُوزُ (بَيْعُهَا) أَيْ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِمَا تَقَدَّمَ ; وَلِثُبُوتِ الْمِلْكِ فِيهَا (فَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهَا) أَيْ الْغَنِيمَةِ (الْعَدُوُّ بِمَكَانِهَا فَأَخَذَهَا مِنْ مُشْتَرٍ فَهِيَ مِنْ مَالِهِ) فَرَّطَ أَوْ لَا. لِحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَهَذَا نَمَاؤُهُ لِلْمُشْتَرِي. فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَقْبُوضٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ بِيعَتْ لَهُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ
(وَشِرَاءُ الْأَمِيرِ لِنَفْسِهِ مِنْهَا) أَيْ الْغَنِيمَةِ (إنْ وَكَّلَ مَنْ جَهِلَ أَنَّهُ وَكِيلُهُ) أَيْ الْأَمِيرِ (صَحَّ) شِرَاؤُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلُهُ (حَرُمَ) نَصًّا وَاحْتُجَّ بِأَنَّ عُمَرَ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ ابْنُ عُمَرَ فِي قِصَّةِ جَلُولَاءَ، لِلْمُحَابَاةِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَلِأَنَّهُ هُوَ الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ، فَكَأَنَّهُ يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِ نَفْسِهِ اهـ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، وَأَنَّ ابْنَ الْأَمِيرِ مِثْلُهُ.
[فَصْلٌ وَتُضَمُّ غَنِيمَةُ سَرَايَا الْجَيْشِ إلَى غَنِيمَةِ الْجَيْشِ]
فَصْلٌ وَتُضَمُّ غَنِيمَةُ سَرَايَا الْجَيْشِ إلَى غَنِيمَتِهِ أَيْ الْجَيْشِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رُوِينَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَتُرَدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعِيدَتِهِمْ» وَفِي تَنْفِيلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبُدَاءَةِ الرُّبْعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ: دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاكِهِمْ فِي الْبَاقِي. وَإِنْ أَنْفَذَ الْإِمَامُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ جَيْشَيْنِ أَوْ سَرِيَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ، انْفَرَدَ كُلٌّ بِمَا غَنِمَهُ لِانْفِرَادِهِ بِالْجِهَادِ، بِخِلَافِ الْمَبْعُوثِينَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ
(وَيَبْدَأُ فِي قَسْمٍ بِدَفْعِ سَلَبٍ) إلَى مُسْتَحِقِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute