عِنْدَهَا رَجُلًا يُشْبِهُ مَا وَلَدَتْهُ، فَلَهُ نَفْيُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ الشَّبَهِ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ.
[فَصْلٌ لِلْقَذْفِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ]
فَصْلٌ وَلِلْقَذْفِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ وَ (صَرِيحُهُ: يَا مَنْيُوكَةُ، بِأَنْ لَمْ يُفَسِّرْهُ) قَاذِفٌ (بِفِعْلِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ) فَإِنْ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ فَلَيْسَ قَذْفًا (يَا مَنْيُوكُ، يَا زَانِي، يَا عَاهِرُ. أَوْ قَدْ زَنَيْت، أَوْ زَنَى فَرْجُك وَنَحْوُهُ) كَرَأَيْتُك تَزْنِي، وَأَصْلُ الْعِهْرِ: إتْيَانُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ لَيْلًا لِلْفُجُورِ بِهَا. ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الزَّانِي سَوَاءٌ جَاءَهَا أَوْ جَاءَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (أَوْ) قَالَ لَهُ (يَا مَعْفُوجَ) بِالْفَاءِ وَالْجِيمِ نَصًّا لِاسْتِعْمَالِ النَّاسِ لَهُ بِمَعْنَى الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، وَأَصْلُهُ الضَّرْبُ (أَوْ) قَالَ لَهُ (يَا لُوطِيُّ) لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ مَنْ يَأْتِي الذُّكُورَ لِأَنَّهُ عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) بِقَوْلِي يَا زَانِي وَنَحْوَهُ (زَانِيَ الْعَيْنِ) وَنَحْوَهُ (أَوْ) أَرَدْت بِقَوْلِي يَا عَاهِرُ (عَاهِرَ الْيَدِ. وَ) قَالَ: أَرَدْت بِقَوْلِي يَا لُوطِيُّ (أَنَّك مِنْ قَوْمِ لُوطٍ، أَوْ) أَنَّك (تَعْمَلُ عَمَلَهُمْ غَيْرَ إتْيَانِ الذُّكُورِ، لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
(وَ) قَوْلُ الْمُكَلَّفِ لِشَخْصٍ (لَسْت لِأَبِيك. وَ) لَسْت (بِوَلَدِ فُلَانٍ) الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ (قَذْفٌ لِأُمِّهِ) أَيْ: الْمَقُولِ لَهُ لِإِثْبَاتِهِ الزِّنَا لِأُمِّهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِذَا نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ فَقَدْ أَثْبَتَهُ لِغَيْرِهِ، وَالْغَيْرُ لَا يُمْكِنُ إحْبَالُهُ لَهَا فِي زَوْجِيَّةِ أَبِيهِ إلَّا بِزِنًا، فَكَانَ قَذْفًا لَهَا، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِاحْتِمَالِ الشُّبْهَةِ لِبُعْدِهِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْمَقُولُ لَهُ ذَلِكَ (مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ مُلَاعِنٌ) بَعْدَ نَفْيِهِ (وَلَمْ يُفَسِّرْهُ) قَائِلُ ذَلِكَ (بِزِنَا أُمِّهِ) فَلَا يَكُونُ قَذْفًا لَهَا (وَكَذَا لَوْ نَفَاهُ عَنْ قَبِيلَتِهِ) فَهُوَ قَذْفٌ لِأُمِّهِ إلَّا مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ لَمْ يُفَسِّرْهُ بِزِنَا أُمِّهِ لِحَدِيثِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مَرْفُوعًا «لَا أُوتَى بِرَجُلٍ يَقُولُ: إنَّ كِنَانَةَ لَيْسَتْ مِنْ قُرَيْشٍ إلَّا جَلَدْته» " وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ " لَا جَلْدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٍ قَذَفَ مُحْصَنَةً أَوْ نَفَى رَجُلًا عَنْ أَبِيهِ ".
(وَ) قَوْلُهُ لِآخَرَ (مَا أَنْتَ ابْنَ فُلَانَةَ لَيْسَ بِقَذْفٍ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَرَادَ قَذْفَهُ بِهِ أَوْ لَا إذْ الْوَلَدُ مِنْ أُمِّهِ بِكُلِّ حَالٍ.
(وَ) قَوْلُهُ لِوَلَدِهِ (لَسْت بِوَلَدِي كِنَايَةٌ فِي قَذْفِ أُمِّهِ) نَصًّا لِأَنَّ الْوَالِدَ إذَا أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِ وَلَدِهِ يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute