[بَابُ شُرُوطِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ]
شُرُوطِ وُجُوبِ (الْقِصَاصِ) أَيْ الْقَوَدِ (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ (أَحَدُهَا: تَكْلِيفُ قَاتِلٍ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا قَاصِدًا لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ مُغَلَّظَةٌ فَلَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ، لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ قَصْدٌ صَحِيحٌ كَقَاتِلٍ خَطَأً. وَإِنْ قَالَ جَانٍ: كُنْتُ حِينَ الْجِنَايَةِ صَغِيرًا، أَوْ قَالَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بَلْ مُكَلَّفًا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّغِيرِ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَا بَيِّنَةَ.
(ثَانِيهَا) أَيْ الشُّرُوطِ (: عِصْمَةُ مَقْتُولٍ وَلَوْ) كَانَ (مُسْتَحَقًّا دَمُهُ بِقَتْلٍ لِغَيْرِ قَاتِلِهِ) لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ فِيهِ يُبِيحُ دَمَهُ لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهِ (فَالْقَاتِلُ لِحَرْبِيٍّ) لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ (أَوْ) الْقَاتِلُ لِ (مُرْتَدٍّ قَبْلَ تَوْبَةٍ إنْ قُبِلَتْ) تَوْبَتُهُ (ظَاهِرًا) لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَاتِلِ لَهُ بَعْدَ تَوْبَتِهِ الْمَقْبُولَةِ، لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ (أَوْ) الْقَاتِلُ (لِزَانٍ مُحْصَنٍ، وَلَوْ قَبْلِ تَوْبَتِهِ) أَيْ الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ (عِنْدَ حَاكِمٍ) إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ زَنَى مُحْصَنًا بَعْدَ قَتْلِهِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ الَّتِي أَبَاحَتْ دَمَهُ قَبْلَ الثُّبُوتِ وَبَعْدَهُ عَلَى السَّوَاءِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ بِالْبَيِّنَةِ (لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَاتِلِ (وَلَوْ أَنَّهُ) أَيْ الْقَاتِلَ (مِثْلُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ فِي عَدَمِ الْعِصْمَةِ بِأَنْ قَتَلَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدٌّ مُرْتَدًّا أَوْ زَانٍ مُحْصَنٌ زَانِيًا مُحْصَنًا، أَوْ قَتَلَ مُرْتَدٌّ حَرْبِيًّا أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا وَعَكْسُهُ.
(وَيُعَزَّرُ) قَاتِلُ غَيْرِ مَعْصُومٍ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ (وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ مُرْتَدٍّ) فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ (أَوْ) قَطَعَ طَرَفَ (حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ) فَهَدَرٌ (أَوْ رَمَاهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ أَوْ الْحَرْبِيَّ (فَأَسْلَمَ) بَعْدَ رَمْيِهِ (ثُمَّ وَقَعَ بِهِ الْمَرْمِيُّ؟) بَعْدَ إسْلَامِهِ (فَمَاتَ فَهَدَرٌ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مِنْ الْجَانِي بَعْدَ إسْلَامِهِ فِعْلٌ، وَإِنَّمَا الْمَوْتُ أَثَرُ فِعْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَكَذَا أَثَرُهُ.
(وَمَنْ قَطَعَ طَرَفًا أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ طَرَفٍ (مِنْ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ) مُرْتَدًّا (فَلَا قَوَدَ) فِي النَّفْسِ ; لِأَنَّهَا نَفْسُ مُرْتَدٍّ، وَلَا فِي الطَّرَفِ ; لِأَنَّهُ قَطْعٌ لَوْ صَارَ قَتْلًا لَمْ يَجِبْ بِهِ قَتْلٌ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ الْقَطْعُ كَمَا لَوْ قَطَعَهُ مِنْ غَيْرِ مِفْصَلٍ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي (الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ) دِيَةِ (مَا قُطِعَ) مِنْ طَرَفٍ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ نَفْسٍ فَمَعَ الرِّدَّةِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ قَطْعٌ صَارَ قَتْلًا فَلَا يُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ (فَيَسْتَوْفِيهِ) أَيْ مَا وَجَبَ بِذَلِكَ (الْإِمَامُ) ; لِأَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَاسْتِيفَاؤُهُ لِلْإِمَامِ.
(وَإِنْ عَادَ) مُرْتَدٌّ بَعْدَ جُرْحٍ (لِلْإِسْلَامِ. وَلَوْ) كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute