للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَلِأَنَّ تَكْرَارَ رِدَّتِهِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ عَقِيدَتِهِ وَقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالْإِسْلَامِ (أَوْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى) أَيْ صَرِيحًا لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ لِعِظَمِ ذَنْبِهِ جِدًّا فَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِ عَقِيدَتِهِ (أَوْ) سَبَّ (رَسُولًا أَوْ مَلَكًا لَهُ) أَيْ لِلَّهِ تَعَالَى (صَرِيحًا أَوْ انْتَقَصَهُ) أَيْ: اللَّهَ تَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ أَوْ وَاحِدًا مِنْ مَلَائِكَتِهِ فَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا) تُقْبَلُ تَوْبَةُ (سَاحِرٍ مُكَفَّرٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً (بِسِحْرِهِ) كَاَلَّذِي يَرْكَبُ الْمِكْنَسَةَ فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ. لِحَدِيثِ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا «حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. فَسَمَّاهُ حَدًّا وَالْحَدُّ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَلِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا فِي عِلْمِ إخْلَاصِهِ فِي تَوْبَتِهِ لِأَنَّهُ يُضْمِرُ السِّحْرَ وَلَا يَجْهَرُ بِهِ. وَقَوْلُهُ فِي الدُّنْيَا عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مُخْلِصًا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ فِي الْآخِرَةِ لِعُمُومِ حَدِيثِ «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» (وَمَنْ أَظْهَرَ الْخَيْرَ) مِنْ نَفْسِهِ (وَأَبْطَنَ الْفِسْقَ فَ) هُوَ فِي تَوْبَتِهِ مِنْ فِسْقِهِ (كَزِنْدِيقٍ فِي تَوْبَتِهِ) مِنْ كُفْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ بِالتَّوْبَةِ خِلَافُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ إظْهَارِ الْخَيْرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَنَحْوُهَا.

[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْمُرْتَدّ]

فَصْلٌ وَتَوْبَةُ مُرْتَدٍّ إتْيَانُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ (وَ) تَوْبَةُ (كُلِّ كَافِرٍ) مِنْ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِهِ (إتْيَانُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ: قَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَنِيسَةَ فَإِذَا هُوَ بِيَهُودِيٍّ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ التَّوْرَاةَ فَقَرَأَ حَتَّى إذَا أَتَى عَلَى صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ فَقَالَ: هَذِهِ صِفَتُك وَصِفَةُ أُمَّتِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لُوا أَخَاكُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِحَدِيثِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» وَإِذَا ثَبَتَ بِهِمَا إسْلَامُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ فَكَذَا الْمُرْتَدُّ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ جَعَلَ الْإِسْلَامَ اسْمًا لِلْخَمْسَةِ فِي حَدِيثِ " أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ " أَنْ لَا يَكُونَ مُسْلِمًا إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْرِفَ الشَّارِعُ حَقِيقَةً وَيَجْعَلَ بَعْضَ أَجْزَائِهَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحُكْمِ فَفُرِّقَ بَيْنَ النَّظَرِ فِي الشَّيْء مِنْ حَيْثُ بَيَانُ حَقِيقَتِهِ وَالنَّظَرِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ مَعْرِفَةُ مَا يُجْزِئُ مِنْهُ (مَعَ إقْرَارِ) مُرْتَدٍّ (جَاحِدٍ لِفَرْضٍ أَوْ) جَاحِدٍ لِ (تَحْلِيلِ) حَلَالٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>