يَنْفُذُ حُكْمُهُ) أَيْ الْقَاضِي (عَلَى عَدُوِّهِ) كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ (بَلْ يُفْتِي عَلَى عَدُوِّهِ) ; لِأَنَّهُ لَا إلْزَامَ فِي الْفُتْيَا بِخِلَافِ الْقَضَاءِ، (وَلَا) يَصِحُّ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ (لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ) كَزَوْجَتِهِ وَعَمُودَيْ نَسَبِهِ كَالشَّهَادَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ وَالِدَيْهِ أَوْ بَيْنَ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ لِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ عَرَضَتْ لِلْقَاضِي أَوْ لِمَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ حُكُومَةٌ تَحَاكَمَا إلَى بَعْضِ خُلَفَائِهِ أَوْ بَعْضِ رَعِيَّتِهِ، فَإِنَّ عُمَرَ حَاكَمَ أُبَيًّا إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَحَاكَمَ رَجُلًا عِرَاقِيًّا إلَى شُرَيْحٍ، وَحَاكَمَ عَلِيٌّ رَجُلًا يَهُودِيًّا إلَى شُرَيْحٍ، وَحَاكَمَ عُثْمَانُ طَلْحَةَ إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، (وَلَهُ اسْتِخْلَافُهُمْ) أَيْ لِلْقَاضِي اسْتِنَابَةُ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَنَحْوِهِمَا عَنْهُ فِي الْحُكْمِ مَعَ صَلَاحِيَتِهِمْ كَغَيْرِهِمْ (كَحُكْمِهِ) أَيْ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ (لِغَيْرِهِمْ) أَيْ: لِغَيْرِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ (بِشَهَادَتِهِمْ) كَأَنْ حَكَمَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِشَهَادَةِ أَبِيهِ وَابْنِهِ، (وَ) كَحُكْمِهِ (عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، فَيَصِحُّ حُكْمُهُ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ وَزَوْجَتِهِ وَنَحْوِهِمْ كَشَهَادَتِهِ عَلَيْهِمْ) .
[فَصْلٌ الْقَاضِي يَبْدَأُ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ]
(فَصْلٌ وَيُسَنُّ لِقَاضٍ أَنْ يَبْدَأَ بِ) النَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ ; لِأَنَّ الْحَبْسَ عَذَابٌ وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْبَقَاءَ فِيهِ، (فَيُنْفِذَ ثِقَةً) إلَى الْحَبْسِ فَ (يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ و) أَسْمَاءَ (مَنْ حَبَسَهُمْ وَفِيمَ ذَلِكَ) ؟ أَيْ حَبْسُهُمْ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُقْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ النَّظَرُ فِي حَالِ الْأَوَّلِ لَوْ كُتِبُوا فِي رُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيُخْرِجُ وَاحِدَةً مِنْ الرِّقَاعِ بِالِاتِّفَاقِ كَالْقُرْعَةِ، (ثُمَّ يُنَادِي فِي الْبَلَدِ أَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِي (يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمْ) أَيْ: الْمَحْبُوسِينَ فِي يَوْمِ كَذَا، فَمَنْ لَهُ خَصْمٌ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ لِحُضُورِهِمْ مِنْ التَّفْتِيشِ عَلَيْهِمْ، (فَإِذَا جَلَسَ) الْقَاضِي (لِوَعْدِهِ) نَظَرَ ابْتِدَاءً فِي رِقَاعِ الْمَحْبُوسِينَ فَتُخْرَجُ رُقْعَةٌ مِنْهَا وَيُقَالُ: هَذِهِ رُقْعَةُ فُلَانٍ فَمَنْ خَصْمُهُ؟ (فَمَنْ حَضَرَ لَهُ خَصْمٌ نَظَرَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ) الْمَحْبُوسُ (حُبِسَ لِتُعَدَّلَ الْبَيِّنَةُ) أَيْ: بَيِّنَةُ خَصْمِهِ عَلَيْهِ (فَإِعَادَتُهُ) إلَى الْحَبْسِ (مَبْنِيَّةٌ عَلَى حَبْسِهِ فِي ذَلِكَ) ، وَالْأَصَحُّ حَبْسُهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ حَدٍّ فَيُعَادُ لِلْحَبْسِ (وَيُقْبَلُ قَوْلُ خَصْمِهِ) أَيْ: الْمَحْبُوسِ (فِي أَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِي (حَبَسَهُ بَعْدَ تَكْمِيلِ بَيِّنَتِهِ وَ) بَعْدَ (تَعْدِيلِهَا) ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا حَبَسَهُ لِحَقٍّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ، (وَإِنْ ذَكَرَ) مَحْبُوسٌ أَنَّهُ (حَبَسَهُ بِقِيمَةِ كَلْبٍ أَوْ خَمْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute