[فَصْلٌ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ مُسْلِمٍ]
سُنَّ لِرَجُلٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ نَصًّا ذَكَرًا وَأُنْثَى بِلَا سَفَرٍ لِحَدِيثِ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ» وَالتِّرْمِذِيِّ " فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ " وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُرَجِّحُ أَنَّ الْأَمْرَ لِلِاسْتِحْبَابِ إنْ كَانَ وَارِدًا بَعْدَ الْحَظْرِ.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَقِفُ زَائِرٌ أَمَامَهُ) أَيْ الْقَبْرِ (قَرِيبًا مِنْهُ) عُرْفًا.
(وَتُبَاحُ) زِيَارَةُ مُسْلِمٍ (لِقَبْرِ كَافِرٍ) وَوُقُوفٌ عِنْدَهُ «لِزِيَارَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَبْرِ أُمِّهِ وَكَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ» وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَدْعُو لَهُ، بَلْ يَقُولُ: أَبْشِرْ بِالنَّارِ، وقَوْله تَعَالَى {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: ٨٤] الْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ: الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ.
(وَتُكْرَهُ) زِيَارَةُ قُبُورٍ (لِنِسَاءٍ) لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «نُهِينَا عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ عَلِمْنَ) أَيْ النِّسَاءُ (أَنَّهُ يَقَعُ مِنْهُنَّ مُحَرَّمٌ) بِزِيَارَتِهِنَّ (حَرُمَتْ) زِيَارَتُهُنَّ لَهَا لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِلْمُحَرَّمِ (إلَّا) زِيَارَةَ النِّسَاءِ (لِقَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (فَتُسَنُّ) كَالرِّجَالِ، لِعُمُومِ " مَنْ حَجَّ فَزَارَنِي " وَنَحْوَهُ.
(وَلَا يُمْنَعُ كَافِرٌ زِيَارَةَ قَبْرِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ) كَعَكْسِهِ.
(وَسُنَّ لِمَنْ زَارَ قُبُورَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَرَّ بِهَا أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، أَوْ) يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) وَيَقُولُ بَعْدَ كُلٍّ مِنْ الصِّيغَتَيْنِ (وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ اللَّاحِقُونَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ) لِلْأَخْبَارِ، وَقَوْلُهُ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " لِلتَّبَرُّكِ أَوْ فِي الْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ فِي الدَّفْنِ عِنْدَهُمْ وَنَحْوِهِ مِمَّا أُجِيبَ بِهِ إذْ الْمَوْتُ مُحَقَّقٌ فَلَا يُعَلَّقُ بِأَنْ (وَيُخَيَّرُ فِيهِ) أَيْ السَّلَامِ (عَلَى حَيٍّ بَيْنَ تَعْرِيفٍ وَتَنْكِيرٍ) لِصِحَّةِ النُّصُوصِ بِهِمَا (وَهُوَ) أَيْ السَّلَامُ (سُنَّةُ) عَيْنٍ مِنْ مُنْفَرِدٍ (وَمِنْ جَمْعٍ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (سُنَّةُ كِفَايَةٍ) لِحَدِيثِ " أَفْشُوا السَّلَامَ " وَمَا بِمَعْنَاهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُسَلِّمُوا كُلُّهُمْ، وَلَا يَجِبُ إجْمَاعًا، قَالَهُ فِي شَرْحِهِ وَيُكْرَهُ فِي الْحَمَّامِ وَعَلَى مَنْ يَأْكُلُ أَوْ يُقَاتِلُ، أَوْ يَبُولُ، أَوْ يَتَغَوَّطُ أَوْ يَتْلُو، أَوْ يَذْكُرُ أَوْ يُلَبِّي، أَوْ يُحَدِّثُ، أَوْ يَعِظُ أَوْ يَسْتَمِعُ لَهُمْ وَمَنْ يُكَرِّرُ فِقْهًا أَوْ يَدْرُسُ، أَوْ يَبْحَثُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute