أَقَلَّ فَلَا يُعْتَقُ مِنْ الْآخَرِ شَيْءٌ. لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ إلَّا وَاحِدًا (وَإِنْ أَعْتَقَ) مَرِيضٌ (الثَّلَاثَةَ) وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ (فِي مَرَضِهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِمْ) أَيْ: الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ (فَمَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (وَقَبْلَ عِتْقِهِمْ. أَوْ دَبَّرَهُمْ) أَيْ: الثَّلَاثَةِ (أَوْ) دَبَّرَ (بَعْضَهُمْ وَوَصَّى بِعِتْقِ الْبَاقِي) مِنْهُمْ وَلَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ (فَمَاتَ أَحَدُهُمْ. أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ) أَيْ: بَيْنَ الْمَيِّتِ (وَبَيْنَ الْحَيَّيْنِ) ; لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمْ مُبْهَمًا إلَّا أَنَّ الْمَيِّتَ هُنَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَوَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ عَتَقَ مِنْ أَحَدِ الْحَيَّيْنِ تَتِمَّةُ الثُّلُثِ بِالْقُرْعَةِ.
[بَابُ التَّدْبِيرِ]
التَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ أَيْ: مَوْتِ الْمُعَلَّقِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمَوْتَ دُبُرُ الْحَيَاةِ. يُقَالُ: دَابَرَ يُدَابِرُ إذَا مَاتَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مُشْتَقٌّ إدْبَارُهُ مِنْ الدُّنْيَا وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي شَيْءٍ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ وَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ وَغَيْرِهِمَا غَيْرَ الْعِتْقِ. فَهُوَ لَفْظٌ يَخْتَصُّ بِهِ الْعِتْقُ بَعْدَ الْمَوْتِ (فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ بِهِ) أَيْ: التَّدْبِيرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى صِحَّةِ التَّدْبِيرِ فِي الْجُمْلَةِ. وَسَنَدُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَاحْتَاجَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَبَاعَهُ مِنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَقَالَ أَنْتَ أَحْوَجُ مِنْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ) أَيْ: التَّدْبِيرِ (مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ) فَيَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَفَلَسٍ وَمِنْ مُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ، وَيُعْتَبَرُ لِعِتْقِ مُدَبَّرٍ خُرُوجُهُ (مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ: مَالِ السَّيِّدِ الْمُدَبَّرِ يَوْمَ مَوْتِهِ نَصًّا، ; لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ. أَشْبَهَ الْوَصِيَّةَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فِي الصِّحَّةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ فَنَفَذَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَالْهِبَةِ فِي الصِّحَّةِ، وَالِاسْتِيلَادُ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْنُونِ.
فَإِنْ اجْتَمَعَ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ تَسَاوَيَا. ; لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا عِتْقٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ اجْتَمَعَ الْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ وَالتَّدْبِيرُ قُدِّمَ الْعِتْقُ لِسَبْقِهِ
(وَإِنْ قَالَا) أَيْ: شَرِيكَانِ فِي عَبْدٍ (لِعَبْدِهِمَا) مَثَلًا (إنْ مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَبَاقِيهِ) يَعْتِقُ (بِمَوْتِ الْآخَرِ) نَصًّا ; لِأَنَّهُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ. فَيَنْصَرِفُ إلَى مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ. كَقَوْلِهِ: رَكِبُوا دَوَابَّهُمْ وَلَبِسُوا ثِيَابَهُمْ. أَيْ: كُلُّ إنْسَانٍ رَكِبَ دَابَّتَهُ وَلَبِسَ ثَوْبَهُ. وَإِنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُ الْأَوَّلِ عَتَقَ كُلُّهُ بِالسِّرَايَةِ كَمَا سَبَقَ آنِفًا (وَصَرِيحُهُ) أَيْ: التَّدْبِيرِ (لَفْظُ عِتْقٍ وَ) لَفْظُ (حُرِّيَّةٍ مُعَلَّقَيْنِ بِمَوْتِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ كَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ عَتِيق بَعْدَ مَوْتِي وَنَحْوِهِ (وَلَفْظُ تَدْبِيرٍ) كَأَنْتَ مُدَبَّرٌ (وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute