للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ الشُّفْعَةِ]

(بَابُ الشُّفْعَةِ) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ مِنْ الشَّفْعِ وَهُوَ الزَّوْجُ ; لِأَنَّ نَصِيبَ الشَّفِيعِ كَانَ مُنْفَرِدًا فِي مِلْكِهِ وَبِالشُّفْعَةِ يُضَمُّ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِهِ فَيَشْفَعُهُ بِهِ، أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ أَيْ الزِّيَادَةِ ; لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَزِيدُ فِي مِلْكِ الشَّفِيعِ أَوْ ; لِأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إذَا أَرَادَ بَيْعَ دَارِهِ أَتَاهُ جَارُهُ وَشَرِيكُهُ فَيَشْفَعُ لَهُ فِيمَا بَاعَ فَشَفَّعَهُ وَجَعَلَهُ أَوْلَى بِهِ، أَوْ لِأَنَّ طَالِبَهَا يُسَمَّى شَفِيعًا لِمَجِيئِهِ تَالِيًا لِلْمُشْتَرِي، فَهُوَ ثَانٍ بَعْدَ أَوَّلٍ فَسُمِّيَ طَلَبُهُ شُفْعَةً، وَهِيَ شَرْعًا (اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ) فِي مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَلَوْ مُكَاتَبًا (انْتِزَاعُ شِقْصِ شَرِيكِهِ) الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ. وَالشِّقْصُ بِكَسْرِ الشِّينِ النَّصِيبُ (مِمَّنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ) ، إمَّا بِالْبَيْعِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَيَأْتِي (إذَا كَانَ) الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ (مِثْلَهُ) أَيْ: الشَّرِيكِ بِأَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، (أَوْ) كَانَ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ (دُونَهُ) أَيْ: الشَّرِيكِ بِأَنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُسْلِمًا وَالْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ كَافِرًا. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَيَأْتِي، وَلَا لِلْجَارِ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ بِنَفْعِ دَارٍ إذَا بَاعَهَا أَوْ بَعْضَهَا وَارِثٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِشَيْءٍ مِنْ الدَّارِ، وَأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْمَوْرُوثِ وَالْمُوصَى بِهِ وَالْمَوْهُوبِ بِلَا عِوَضٍ وَلَا الْمَجْعُولِ مَهْرًا أَوْ عِوَضًا فِي خُلْعٍ وَنَحْوِهِ أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَنَحْوِهِ. وَالشُّفْعَةُ ثَبَتَتْ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ " «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ. فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي الْبَابِ غَيْرُهُ، وَالْمَعْنَى إزَالَةُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ (وَلَا تَسْقُطُ) الشُّفْعَةُ (بِاحْتِيَالٍ) عَلَى إسْقَاطِهَا ; لِأَنَّهَا إنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، فَلَوْ سَقَطَتْ بِالِاحْتِيَالِ لَحِقَ الضَّرَرُ، وَالْحِيلَةُ أَنْ يُظْهِرَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْبَيْعِ شَيْئًا لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ مَعَهُ وَيَتَوَاطَآنِ فِي الْبَاطِنِ عَلَى خِلَافِهِ، كَإِظْهَارِ التَّوَاهُبِ أَوْ زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَنَحْوِهِ، (وَيَحْرُمُ) الِاحْتِيَالُ عَلَى إسْقَاطِهَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَحْرِيمِ الْحِيَلِ كُلِّهَا.

(وَشُرُوطُهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ (خَمْسَةٌ) أَحَدُهَا (كَوْنُهُ) أَيْ: الشِّقْصِ الْمُنْتَقَلِ عَنْ الشَّرِيكِ (مَبِيعًا) صَرِيحًا أَوْ فِي مَعْنَاهُ كَصُلْحٍ عَنْ إقْرَارٍ بِمَالٍ أَوْ عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُهُ وَهِبَةٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ. لِحَدِيثِ جَابِرٍ «هُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ» " رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ ; وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ بِمِثْلِ عِوَضِهِ الَّذِي انْتَقَلَ بِهِ وَلَا يُمْكِنُ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ، (فَلَا تَجِبُ) الشُّفْعَةُ (فِي قِسْمِهِ) لِأَنَّهَا إفْرَازٌ أَوْ تَرَاضٍ لِأَنَّهَا لَوْ ثَبَتَتْ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَثَبَتَتْ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا فَائِدَةَ (وَلَا) فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>