أَيْ قَبُولَهَا (قَوْلُ الْأَصْحَابِ إذَا انْفَرَدَ) شَاهِدٌ (وَاحِدٌ فِيمَا) أَيْ نَقْلِ شَيْءٍ (تَتَوَقَّفُ الدَّوَاعِي عَلَى مَا نَقَلَهُ) أَيْ: تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَى نَقْلِهِ (مَعَ مُشَارَكَةِ) خَلْقٍ (كَثِيرِينَ) لَهُ (رُدَّ) وَلَهُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ وَبَيْنَ مَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ، وَبَيْنَ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الشَّيْءِ مِمَّا تَتَوَافَرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ وَبَيْنَ عَدَمِ ذَلِكَ الْقَيْدِ.
[بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ]
ُ، وَهِيَ أَيْ شُرُوطُهُ (سِتَّةٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ وَاعْتُبِرَ فِي الشَّاهِدِ خُلُوُّهُ عَمَّا يُوجِبُ التُّهْمَةَ فِيهِ وَوُجُودِ مَا يُوجِبُ تَيَقُّظَهُ وَتَحَرُّزَهُ ; لِيَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَشْهَدَ بَعْضُ الْفُجَّارِ لِبَعْضٍ فَتُؤْخَذَ الْأَنْفُسُ وَالْأَمْوَالُ وَالْأَعْرَاضُ بِغَيْرِ حَقٍّ
(أَحَدُهَا: الْبُلُوغُ فَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ صَغِيرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، (وَلَوْ) كَانَ الصَّغِيرُ (فِي حَالِ أَهْلِ الْعَدَالَةِ) بِأَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِمَا يَتَّصِفُ بِهِ الْمُكَلَّفُ الْعَدْلُ (مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ فِي جِرَاحٍ، إذَا شَهِدُوا قَبْلَ الِافْتِرَاقُ عَنْ الْحَالِ الَّتِي تَجَارَحُوا عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] وَالصَّبِيُّ لَيْسَ رَجُلًا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ كَامِلِ الْعَقْلِ
(الثَّانِي: الْعَقْلُ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ) أَيْ: غَرِيزَةٌ يَنْشَأُ عَنْهَا ذَلِكَ يُسْتَعَدُّ بِهَا لِفَهْمِ دَقِيقِ الْعُلُومِ وَتَدْبِيرِ الصَّنَائِعِ الْفِكْرِيَّةِ. وَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ وُرُودُ الشَّكِّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُمْ نَوْعٌ مِنْهَا لَا مِنْ جَمِيعِهَا وَإِلَّا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْفَاقِدُ لِلْعِلْمِ بِالْمُدْرَكَاتِ ; لِعَدَمِ إدْرَاكِهِمَا غَيْرَ عَاقِلٍ، (وَالْعَاقِلُ مَنْ عَرَفَ الْوَاجِبَ عَقْلًا الضَّرُورِيَّ وَغَيْرَهُ، وَ) عَرَفَ (الْمُمْكِنَ وَالْمُمْتَنِعَ) كَوُجُودِ الْبَارِي تَعَالَى وَكَوْنِ الْجِسْمِ الْوَاحِدِ لَيْسَ فِي مَكَانَيْنِ وَأَنَّ الْوَاحِدَ أَقَلُّ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَأَنَّ الضِّدَّيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ، (وَ) عَرَفَ (مَا يَضُرُّهُ وَ) مَا (يَنْفَعُهُ غَالِبًا) ; لِأَنَّ النَّاسَ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لَمَا اخْتَلَفَتْ الْآرَاءُ، (فَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ) ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَلَا أَدَاؤُهَا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الضَّبْطِ، وَهُوَ لَا يَعْقِلُهُ (إلَّا مَنْ يُخْنَقُ أَحْيَانًا إذَا شَهِدَ) أَيْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَأَدَّاهَا (فِي إفَاقَتِهِ) فَتُقْبَلُ ; لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ مِنْ عَاقِلٍ. أَشْبَهَ مَنْ لَمْ يُجَنَّ
(الثَّالِثُ: النُّطْقُ) أَيْ كَوْنُ الشَّاهِدِ مُتَكَلِّمًا (فَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ أَخْرَسَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute