[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]
النَّفَقَاتُ جَمْعُ نَفَقَةٍ (وَهِيَ) لُغَةً الدَّرَاهِمُ وَنَحْوَهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ النَّافِقَاءِ مَوْضِعٌ يَجْعَلُهُ الْيَرْبُوعُ فِي مُؤَخَّرِ الْجُحْرِ رَقِيقًا يُعِدُّهُ لِلْخُرُوجِ إذَا أَتَى مِنْ بَابِ الْجُحْرِ دَفَعَهُ وَخَرَجَ مِنْهُ وَمِنْهُ سُمِّيَ النِّفَاقُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْإِيمَانِ أَوْ خُرُوجِ الْإِيمَانِ مِنْ الْقَلْبِ. وَشَرْعًا (كِفَايَةُ مَنْ يَمُونُهُ خُبْزًا وَإِدَامًا وَكِسْوَةً وَسَكَنًا وَتَوَابِعَهَا) كَمَاءِ شُرْبٍ وَطَهَارَةٍ وَإِعْفَافِ مَنْ يَجِبُ إعْفَافُهُ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ وَالْقَصْدُ هُنَا بَيَانُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ النَّفَقَةِ بِالنِّكَاحِ وَالْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. وَقَدْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى زَوْجٍ مَا لَا غِنَى لِزَوْجَتِهِ عَنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] الْآيَةَ وَهِيَ فِي سِيَاقِ أَحْكَامِ الزَّوْجَاتِ فَأَوْجَبَ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُوسِعِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَيْ ضُيِّقَ بِقَدْرِ مَا يَجِبُ.
وَلِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا " «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ إذَا كَانَا بَالِغَيْنِ وَلَمْ تَكُنْ نَاشِزًا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَحْبُوسَةٌ لِحَقِّ الزَّوْجِ فَيَمْنَعُهَا ذَلِكَ عَنْ التَّصَرُّفِ وَالْكَسْبِ فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَتْ (مُعْتَدَّةً مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ غَيْرَ مُطَاوِعَةٍ) لِوَاطِئٍ ; لِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْهَا بِمَا دُونَ الْفَرْجِ فَإِنْ طَاوَعَتْ عَالِمَةً فَلَا نَفَقَةَ لَهَا ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى النَّاشِزِ (مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى بِالْمَعْرُوفِ) بَيَانٌ لِمَا لَا غِنَى عَنْهُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ.
(وَيَعْتَبِرُ حَاكِمٌ ذَلِكَ إنْ تَنَازَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ فِي قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (بِحَالِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ يَسَارًا وَإِعْسَارًا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ; لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ لِلزَّوْجَةِ فَكَانَ النَّظَرُ يَقْتَضِي أَنْ يَعْتَبِرَ ذَلِكَ بِحَالِهَا كَالْمَهْرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute