الْوَقْفُ عَلَى سُبُلِ الْخَيْرَاتِ. بَلْ كَانَ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ مَنْ يَؤُمُّ أَوْ يُؤَذِّنُ أَوْ يَقُومُ بِهَذَا الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ (فَ) يَبِيعُهُ (نَاظِرٌ خَاصٌّ) إنْ كَانَ (وَالْأَحْوَطُ إذَنْ حَاكِمٌ لَهُ) لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْبَيْعَ عَلَى مَنْ سَيَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ. أَشْبَهَ الْبَيْعَ عَلَى الْغَائِبِ (وَبِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الْبَدَلِ) لِجِهَةِ الْوَقْفِ (يَصِيرُ وَقْفًا كَبَدَلِ أُضْحِيَّةٍ وَ) بَدَلِ (رَهْنٍ أُتْلِفَ) لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ، وَشِرَاءُ الْوَكِيلِ يَقَعُ لِمُوَكِّلِهِ. فَكَذَا هُنَا يَقَعُ شِرَاؤُهُ لِلْجِهَةِ الْمُشْتَرَى لَهَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا وَقْفًا (وَالِاحْتِيَاطُ وَقْفُهُ) لِئَلَّا يَنْقُضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ لَا يَرَى وَقْفَهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ
[تَتِمَّةٌ لَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِ حِجَارَةِ الْكَعْبَةِ إنْ عَرَضَ لَهَا مَرَمَّةٌ]
(تَتِمَّةٌ) فِي الْفُنُونِ لَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِ حِجَارَةِ الْكَعْبَةِ إنْ عَرَضَ لَهَا مَرَمَّةٌ لِأَنَّ كُلَّ عَصْرٍ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَيْهِ قَدْ فُعِلَ، وَلَمْ يَظْهَرْ نَكِيرٌ وَلَوْ تَعَيَّنَتْ الْآيَةُ لَمْ يَجُزْ كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ، وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَلَا يَنْتَقِلُ النُّسُكُ مَعَهُ، كَآيِ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْ سُورَةٍ هِيَ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ إلَّا بِنَصٍّ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ «ضَعُوهَا فِي سُورَةِ كَذَا» قَالَ: وَلِهَذَا حَسَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّة التَّغْيِيرِ فِي إدْخَالِ الْحَجَرِ إلَى الْبَيْتِ. وَيُكْرَهُ نَقْلُ حِجَارَتِهَا عِنْدَ عِمَارَتِهَا إلَى غَيْرِهَا. كَمَا لَا يَجُوزُ ضَرْبُ تُرَابِ الْمَسَاجِدِ لَبِنًا فِي غَيْرِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعَلَّى أَبْنِيَتُهَا زِيَادَةً عَلَى مَا وُجِدَ مِنْ عُلُوِّهَا وَإِنَّهُ يُكْرَهُ الصَّكُّ فِيهَا وَفِي أَبْنِيَتِهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ الْبِنَاءُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ. لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا الْمُعَارَضُ فِي زَمَنِهِ لَفَعَلَهُ كَمَا فِي خَبَرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا.
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّوَابِ لِأَجْلِ قَالَةِ النَّاسِ. وَرَأَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَرْكُهُ أَوْلَى لِئَلَّا يَصِيرَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ
(وَفَضْلُ غَلَّةٍ مَوْقُوفٌ عَلَى مُعَيَّنٍ) كَزَيْدٍ أَوْ وَلَدِهِ (اسْتِحْقَاقُهُ مُقَدَّرٌ) بِأَنْ قَالَ: يُعْطِي مِنْ رِيعِهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَرِيعُهُ أَكْثَرُ (يَتَعَيَّنُ إرْصَادُهُ) أَيْ الْفَضْلُ لِأَنَّهُ رُبَمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ بَعْدُ (وَمَنْ وَقَفَ عَلَى ثَغْرٍ فَاخْتَلَّ) الثَّغْرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (صَرَفَ) مَا وَقَفَ عَلَيْهِ (فِي ثَغْرٍ مِثْلِهِ وَعَلَى قِيَامِهِ) أَيْ الثَّغْرِ (مَسْجِدٌ وَرِبَاطٌ وَنَحْوُهُمَا) كَسِقَايَةٍ. فَإِذَا تَعَذَّرَ الصَّرْفُ فِيهَا صَرَفَ فِي مِثْلِهَا تَحْصِيلًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ حَسَبَ الْإِمْكَانَ (وَنَصَّ) أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ (فِي مَنْ وَقَفَ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَانْحَرَفَ الْمَاءُ بِرَصْدٍ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ) أَيْ الْمَاءُ إلَى الْقَنْطَرَةِ فَيَصْرِفُ عَلَيْهَا مَا وَقَفَ عَلَيْهَا (وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَسْجِدًا كَانَ أَوْ رِبَاطًا وَنَحْوَهُ (مِنْ حُصْرِ وَزَيْتٍ وَمَغَلٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute