للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَارِضٌ) مِنْ نَحْوِ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَأُجْرَةِ مَسْكَنٍ وَخَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ وَعَطَاءٍ مِنْ دِيوَانٍ لِمَصْلَحَةٍ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ) إذَا مَاتَ مَنْ فَرَضَهُ أَوْ عُزِلَ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ تَغْيِيرُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ

(وَمَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ) مِنْ إمَامٍ وَقَاضٍ وَوَالٍ وَمُحْتَسِبٍ وَنَحْوِهِمْ (انْعَزَلَ) لِأَنَّهُ وَكِيلٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ وَ (لَا) يَنْعَزِلُ قَاضٍ (بِعَزْلٍ قَبْلَ عِلْمِهِ) لِتَعَلُّقِ قَضَايَا النَّاسِ وَأَحْكَامِهِمْ بِهِ فَيَشُقُّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ

(وَمَنْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ) نَحْوِ قَاضٍ (مُوَلًّى بِبَلَدٍ وَوَلَّى غَيْرَهُ فَبَانَ حَيًّا لَمْ يَنْعَزِلْ) وَكَذَا مَنْ أَنْهَى شَيْئًا فَوُلِّيَ بِسَبَبِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ لَمْ تَصِحَّ وِلَايَتُهُ لِأَنَّهَا كَالْمُعَلَّقَةِ عَلَى صِحَّةِ الْإِنْهَاءِ.

[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَاضِي]

وَهِيَ عَشَرَةٌ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ قَاضٍ بَالِغًا عَاقِلًا) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ تَحْتَ وِلَايَةِ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ وَالِيًا عَلَى غَيْرِهِ (ذَكَرًا) لِحَدِيثِ ( «مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» ) وَلِأَنَّهَا ضَعِيفَةُ الرَّأْي نَاقِصَةُ الْعَقْلِ لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْحُضُورِ فِي مَحَافِلِ الرِّجَالِ وَلَمْ يُوَلِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ امْرَأَةً قَضَاءً (حُرًّا) كُلُّهُ لِأَنَّ غَيْرَهُ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ مَشْغُولٌ بِحُقُوقِ سَيِّدِهِ (مُسْلِمًا عَدْلًا وَلَوْ تَائِبًا مِنْ قَذْفٍ) نَصًّا فَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ مَنْ فِيهِ نَقْصٌ يَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَجِبُ التَّبْيِينُ عِنْدَ حُكْمِهِ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ أَوْ الْفَاسِقَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ قَاضِيًا (سَمِيعًا) لِأَنَّ الْأَصَمَّ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ الْخَصْمَيْنِ (بَصِيرًا) لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يُمَيِّزُ الْمُدَّعِيَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا الْمُقِرَّ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ (مُتَكَلِّمًا) لِأَنَّ الْأَخْرَسَ لَا يُمْكِنُهُ النُّطْقُ بِالْحُكْمِ وَلَا يَفْهَمُ جَمِيعُ النَّاسِ إشَارَتَهُ (مُجْتَهِدًا) ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاك اللَّهُ} [النساء: ١٠٥] . (وَلَوْ) كَانَ اجْتِهَادُهُ (فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ لِلضَّرُورَةِ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ وَاخْتَارَ فِي الْإِفْصَاحِ وَالرِّعَايَةِ أَوْ مُقَلِّدًا.

وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْت وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَإِلَّا لَتَعَطَّلَتْ أَحْكَامُ النَّاسِ انْتَهَى.

وَفِي الْإِفْصَاحِ الْإِجْمَاعُ انْعَقَدَ عَلَى تَقْلِيدِ كُلٍّ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>