خُطْبَةِ الْمُغْنِي النِّسْبَةُ إلَى إمَامٍ فِي الْفُرُوعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَتْ بِمَذْمُومَةٍ فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ وَاتِّفَاقَهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ (فَيُرَاعِي) الْمُجْتَهِدُ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ (أَلْفَاظَ إمَامِهِ وَمُتَأَخِّرَهَا وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي كَوْنِ ذَلِكَ لَفْظَ إمَامِهِ فِي الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ أَدْرَى بِهِ (وَيَحْكُمُ بِهِ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ) لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الظَّاهِرِ مِنْهُ وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفَتْوَى بِالْهَوَى إجْمَاعًا وَبِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا قَالَ شَيْخُنَا ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ وَتَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَيُوَلَّى لِعَدَمٍ أَنْفَعُ الْفَاسِقَيْنِ وَأَقَلُّهُمَا شَرًّا وَأَعْدَلُ الْمُقَلِّدَيْنِ وَأَعْرَفُهُمَا بِالتَّقْلِيدِ انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيَّ الْوِلَايَةُ أُنْثَى تَصْغُرُ وَتَكْبُرُ بِوَلِيِّهَا كَمَطِيَّةٍ تَحْسُنُ وَتَقْبُحُ بِمُمْتَطِيهَا فَالْأَعْمَالُ بِالْعُمَّالِ كَمَا أَنَّ النِّسَاءَ بِالرِّجَالِ وَالصُّدُورُ مَجَالِسُ ذَوِي الْكَمَالِ وَ (لَا) يُشْتَرَطُ (كَوْنُهُ) أَيْ: الْقَاضِي (كَاتِبًا) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أُمِّيًّا وَهُوَ سَيِّدُ الْحُكَّامِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ الْكِتَابَةُ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ (وَرِعًا أَوْ زَاهِدًا أَوْ يَقِظًا أَوْ مُثْبِتًا لِلْقِيَاسِ أَوْ حَسَنَ الْخُلُقِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ.
(وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ كَذَلِكَ) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ كَالْأَسَنِّ إذَا سَاوَى الشَّابَّ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ (وَمَا يَمْنَعُ التَّوْلِيَةَ ابْتِدَاءً) كَالْجُنُونِ وَالْفِسْقِ وَالصَّمَمِ وَالْعَمَى (يَمْنَعُهَا دَوَامًا) فَيَنْعَزِلُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ وَنَحْوِهَا لِفَقْدِ شَرْطِ التَّوْلِيَةِ (إلَّا فَقْدَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ) وَهُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ) حَتَّى عَمِيَ أَوْ طَرِشَ (فَإِنَّ وِلَايَةَ حُكْمِهِ بَاقِيَةٌ فِيهِ) لِأَنَّ فَقْدَهُمَا لَيْسَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الِاجْتِهَادِ وَالْحُكْمُ يَسْتَنِدُ إلَى حَالِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَقَدْ ثَبَتَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ فِي حَالٍ يَسْمَعُ فِيهِ كَلَامَ الْخَصْمَيْنِ وَيُمَيِّزُ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْفِسْقِ وَالْجُنُونِ وَالرِّدَّةِ وَنَحْوِهَا (وَيَتَعَيَّنُ عَزْلُهُ) أَيْ: الْقَاضِي (مَعَ مَرَضٍ يَمْنَعُهُ الْقَضَاءَ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى إقَامَةِ غَيْرِهِ (وَيَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى عَبْدٌ إمَارَةَ سَرِيَّةٍ وَقَسْمَ صَدَقَةٍ وَ) قَسْمَ (فَيْءٍ وَإِمَامَةَ صَلَاةٍ) غَيْرَ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ (وَالْمُجْتَهِدُ) مِنْ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ وُسْعَهُ لِتَحْصِيلِ ظَنٍّ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ (مَنْ يَعْرِفُ مِنْ الْكِتَابِ) أَيْ: كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. (وَ) مِنْ (السُّنَّةِ) أَيْ: سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْحَقِيقَةَ) أَيْ: اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي وَضْعٍ أَوَّلَ (وَالْمَجَازَ) أَيْ: اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ وَضْعٍ أَوَّلَ الْعَلَاقَةِ (وَالْأَمْرَ) أَيْ: اقْتِضَاءَ الطَّلَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute