للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ وَيَجِبُ بِوَطْءِ غَاصِبٍ أَمَةً مَغْصُوبَةً عَالِمًا تَحْرِيمَهُ أَيْ الْوَطْءِ حَدٌّ]

(فَصْلٌ وَيَجِبُ بِوَطْءِ غَاصِبٍ أَمَةً مَغْصُوبَةً) (عَالِمًا تَحْرِيمَهُ) أَيْ: الْوَطْءِ (حَدٌّ) لِزِنَاهُ بِهَا. لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ، وَلَا شُبْهَةَ تَدْرَأُ الْحَدَّ، حَيْثُ عَلِمَ التَّحْرِيمَ.

(وَ) يَجِبُ بِوَطْءٍ (مَهْرُ) مِثْلِهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا (وَلَوْ) كَانَتْ الْأَمَةُ (مُطَاوِعَةً) ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ فَلَا يَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا، كَإِذْنِهَا فِي قَطْعِ يَدِهَا، وَكَاسْتِخْدَامِهَا وَحَدِيثُ " النَّهْيِ عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ " مَحْمُولٌ عَلَى الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ حَقُّهَا، فَيَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا، بِخِلَافِ مَهْرِ الْأَمَةِ، (وَ) يَجِبُ بِوَطْئِهِ (أَرْشُ بَكَارَةٍ) أَزَالَهَا، لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْهَا، فَلَا يَنْدَرِجُ فِي الْمَهْرِ. لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُضْمَنُ مُنْفَرِدًا، بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ وَطِئَ ثَيِّبًا لَزِمَهُ مَهْرُهَا. وَإِنْ افْتَضَّهَا بِأُصْبُعِهِ لَزِمَهُ أَرْشُ بَكَارَتِهَا، فَضُمِنَا إذَا اجْتَمَعَا. وَمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ مِنْ انْدِرَاجِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ فِي الْمَهْرِ: فَفِي الْحُرَّةِ.

(وَ) يَجِبُ بِوَطْئِهِ إذَا حَمَلَتْ مِنْهُ أَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَرْشُ (نَقْصٍ بِوِلَادَةٍ) لِحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ الْمُتَعَدِّي بِهِ، وَلَا يَنْجَبِرُ بِالْوَلَدِ كَمَا لَا يَنْجَبِرُ بِهِ نَقْصُ غَيْرِ الْوِلَادَةِ. وَلَوْ قَتَلَهَا غَاصِبٌ بِوَطْئِهِ فَالدِّيَةُ نَصًّا. فَإِنْ اسْتَرَدَّهَا مَالِكُهَا حَامِلًا فَمَاتَتْ عِنْدَهُ فِي نِفَاسِهَا ضَمِنَهَا الْغَاصِبُ، لِأَنَّهُ أَثَرُ فِعْلِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّ الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ مَجْرُوحًا مِنْ الْغَاصِبِ فَسَرَى الْجُرْحُ إلَى نَفْسِهِ عِنْدَ الْمَالِكِ فَمَاتَ.

(وَالْوَلَدُ) مِنْ غَاصِبٍ (مِلْكٌ لِرَبِّهَا) أَيْ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَائِهَا، وَيَتْبَعُهَا فِي الرِّقِّ فِي النِّكَاحِ الْحَلَالِ. فَهُنَا أَوْلَى. وَيَجِبُ رَدُّهُ مَعَهَا كَسَائِرِ الزَّوَائِدِ (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ الْغَاصِبُ (سِقْطًا) أَيْ: مَوْلُودًا قَبْلَ تَمَامِهِ حَيًّا. وَ (لَا) يَضْمَنُهُ إنْ وُلِدَ (مَيِّتًا) وَلَوْ تَامًّا (بِلَا جِنَايَةٍ) ; لِأَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ (بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ) كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ. وَإِنْ وَلَدَتْهُ تَامًّا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا. وَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ ضَمِنَهُ مَالِكُ مَنْ شَاءَ مِنْ جَانٍ وَغَاصِبٍ (وَقَرَارُهُ) أَيْ الضَّمَانِ (مَعَهَا) أَيْ: الْجِنَايَةِ إنْ سَقَطَ بِهَا (عَلَى الْجَانِي) ; لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ لَهُ، (وَكَذَا وَلَدُ بَهِيمَةٍ) مَغْصُوبَةٍ فِي الضَّمَانِ، لَكِنْ حَيْثُ ضَمِنَهُ فِيمَا نَقَصَ أُمَّهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ، (وَالْوَلَدُ) تَأْتِي بِهِ أُمُّهُ مَغْصُوبَةً (مِنْ جَاهِلِ) الْحُكْمِ وَلَوْ الْغَاصِبَ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِإِسْلَامٍ أَوْ نَشْأَتِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا وَلِلْحَالِ، بِأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ بِأَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا مِنْ غَاصِبٍ جَاهِلًا بِالْحَالِ ظَانًّا حُرِّيَّتَهَا (حُرٌّ) لِاعْتِقَادِهِ الْإِبَاحَةَ.

وَيَلْحَقُ نَسَبُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>