قَدَّرْنَا أَنَّ الْجَمِيعَ صَارَ لَهَا ثُمَّ أَخَذَهُ الْأَبُ مِنْهَا فَصَارَ كَأَنَّهَا قَبَضَتْهُ ثُمَّ أُخِذَ مِنْهَا.
(وَ) إنْ فَارَقَ الزَّوْجُ (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجِ فَالْأَبُ (يَأْخُذُ) مِمَّا تَقْبِضُهُ (مِنْ الْبَاقِي مَا شَاءَ بِشَرْطِهِ) السَّابِقِ كَسَائِرِ مَالِهَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُهُ بِالشَّرْطِ بَلْ بِالْقَبْضِ مَعَ النِّيَّةِ.
[فَصْلٌ وَلِأَبٍ تَزْوِيجُ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا]
وَلِأَبٍ تَزْوِيجُ بِكْرٍ، وَثَيِّبٍ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَوْ كَبِيرَةً (وَإِنْ كَرِهَتْ) نَصًّا ; لِأَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ «أَلَا لَا تُغَالُوا فِي صَدُقَاتِ النِّسَاءِ فَمَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أَحَدًا مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً» وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَزَوَّجَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَهُوَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ نَسَبًا، وَعِلْمًا، وَدِينًا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَهْرَ مِثْلِهَا ; وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ السَّكَنُ وَالِازْدِوَاجُ، وَوَضْعُ الْمَرْأَةِ فِي مَنْصِبٍ عِنْدَ مَنْ يَكْفِيهَا، وَيَصُونُهَا، وَيُحْسِنُ عِشْرَتَهَا دُونَ الْعِوَضِ (وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا) إذَا زَوَّجَ الْأَبُ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (تَتِمَّتُهُ) لَا الزَّوْجَ وَلَا الْأَبَ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ (وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ) بِأَنْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا (بِإِذْنِهَا صَحَّ) مَعَ رُشْدِهَا وَلَا اعْتِرَاضَ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَقَدْ أَسْقَطَتْهُ كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي بَيْعِ سِلْعَتِهَا بِدُونِ قِيمَتِهَا.
(وَ) إنْ زَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ غَيْرُ الْأَبِ (بِدُونِهِ) أَيْ: إذْنِهَا (يَلْزَمُ زَوْجًا تَتِمَّتُهُ) أَيْ: مَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ إذَنْ ; لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا فَوَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِمُحَرَّمٍ، وَعَلَى الْوَلِيِّ ضَمَانُهُ ; لِأَنَّهُ الْمُفَرِّطُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَا لَهَا بِدُونِ قِيمَتِهِ (وَنَصُّهُ) أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَيَلْزَمُ (الْوَلِيَّ) تَتِمَّتِهِ ; لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَقْدِهِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (كَ) مَا يَلْزَمُ (تَتِمَّتِهِ) مُقَدَّرٌ (مَنْ) أَيْ: وَلِيِّ (زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ بِدُونِ مَا قَدَّرَتْهُ) مِنْ صَدَاقٍ لَهُ ; لِأَنَّهُ صِيغَةٌ بِتَزْوِيجِهَا بِدُونِهِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ
. (وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ) الْمَهْرِ (الْمُسَمَّى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى زَوْجَةٍ) كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ عَمِّهَا ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا إذْ لَوْ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ لَمَلَكَتْهُ وَلَوْ مَلَكَتْهُ لَعَتَقَ عَلَيْهَا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ (بِإِذْنِ) زَوْجَةٍ (رَشِيدَةٍ) فَيَصِحُّ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَقَدْ رَضِيَتْ
(وَإِنْ زَوَّجَ أَبٌ ابْنَهُ الصَّغِيرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute