دِيَةٍ (بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةً كَضَرْبَةٍ أَذْهَبَتْ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَفِي) رَأْسِ (كُلِّ حَوْلٍ) يُؤْخَذُ مِنْ الْعَاقِلَةِ (ثُلُثُ) دِيَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا لَوْ قَتَلَتْ ضَرْبَةٌ حَامِلًا وَجَنِينَهَا بَعْدَ أَنْ اسْتَهَلَّ.
(وَ) إنْ ذَهَبَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ أَوْ نَحْوُهُمَا (بِجِنَايَتَيْنِ) بِأَنْ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ بِدِيَتِهِمَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (أَوْ قَتَلَ اثْنَيْنِ) وَلَوْ بِجِنَايَةٍ (فَدِيَتُهُمَا) تُؤْخَذُ (فِي ثَلَاثِ) سِنِينَ لِانْفِرَادِ كُلٍّ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ بِحُكْمِهِ (وَابْتِدَاءُ حَوْلِ قَتْلٍ) مِنْ (حِينِ زُهُوقِ) رُوحٍ.
(وَ) ابْتِدَاءُ حَوْلٍ فِي (جُرْحٍ مِنْ بُرْءٍ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِقْرَارِ (وَمَنْ صَارَ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (أَهْلًا عِنْدَ الْحَوْلِ) كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَمَجْنُونٍ عَقَلَ عِنْدَهُ (لَزِمَهُ) مَا كَانَ يَلْزَمُهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ جَمِيعُ الْحَوْلِ لِوُجُودِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ (وَإِنْ حَدَثَ) بِهِ (مَانِعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ) كَأَنْ جُنَّ (فَ) عَلَيْهِ (قِسْطُهُ) أَيْ: ذَلِكَ الْحَوْلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَدَثَ الْمَانِعُ مِنْ الْحَوْلِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (سَقَطَ) قِسْطُ ذَلِكَ الْحَوْلِ عَنْهُ. لِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ مُوَاسَاةً فَسَقَطَ بِحُدُوثِ الْمَانِعِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ.
[بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ]
كَفَّارَةِ الْقَتْلِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ الْكَفْرِ بِفَتْحِ الْكَافِ. أَيْ: السَّتْرِ. لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الذَّنْبَ وَتُغَطِّيهِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢]- الْآيَةَ (وَتَلْزَمُ) الْكَفَّارَةُ (كَامِلَةً فِي مَالِ قَاتِلٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ) الْقَتْلَ. بِأَنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لِلْآيَةِ وَأُلْحِقَ بِالْخَطَأِ شِبْهُ الْعَمْدِ. لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ. بِخِلَافِ الْعَمْدِ الْمَحْضِ (وَلَوْ) كَانَ الْقَاتِلُ (كَافِرًا أَوْ قِنًّا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ أَشْبَهَتْ الدِّيَةَ، وَأَيْضًا هِيَ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ أَشْبَهَتْ الزَّكَاةَ (أَوْ إمَامًا فِي خَطَأٍ يَحْمِلُهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ مُشَارِكًا) فِي الْقَتْلِ. لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مُوجِبُ قَتْلِ آدَمِيٍّ فَوَجَبَ إكْمَالُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِيهِ كَالْقِصَاصِ، وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِمُبَاشَرَةٍ (أَوْ بِسَبَبٍ) كَحَفْرِ بِئْرٍ تَعَدِّيًا، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ بِهَا (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ: الْمُتَسَبِّبِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ} [النساء: ٩٢] (نَفْسًا) مَفْعُولٌ لَقَاتِلٍ (مُحَرَّمَةً وَلَوْ نَفْسَهُ) أَيْ: الْقَاتِلِ (أَوْ) نَفْسَ (قِنِّهِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ (أَوْ) كَانَ الْمَقْتُولُ (مُسْتَأْمَنًا) لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ قُتِلَ ظُلْمًا أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ، وَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute