التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي عَرَفَ بِهَا الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَحُدَّ حَدًّا، لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ بَلْ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً وَكَذَا.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْإِقْنَاعِ.
[فَصْلٌ شُرُوطُ الْإِجَارَةِ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا مَعْرِفَةُ الْمَنْفَعَةِ]
(فَصْلٌ وَشُرُوطُهَا أَيْ: الْإِجَارَةِ ثَلَاثَةٌ:) أَحَدُهَا: (مَعْرِفَةُ مَنْفَعَةٍ) لِأَنَّهَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا. فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهَا كَالْمَبِيعِ (إمَّا بِعُرْفٍ) أَيْ: مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ (كَسُكْنَى دَارٍ شَهْرًا) لِتَعَارُفِ النَّاسِ بِالسُّكْنَى وَالتَّفَاوُتُ فِيهَا يَسِيرٌ فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى ضَبْطٍ (وَخِدْمَةِ آدَمِيٍّ سَنَةً) ; لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ بِالْعُرْفِ فَلَا تَحْتَاجُ لِضَبْطٍ كَالسُّكْنَى فَيَخْدُمُهُ نَهَارًا وَمِنْ اللَّيْلِ مَا يَكُونُ مِنْ خِدْمَةِ أَوْسَاطِ النَّاسِ (أَوْ بِوَصْفٍ كَحَمْلِ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَزْنُهَا كَذَا إلَى مَحَلِّ كَذَا) ; لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ إنَّمَا تُعْرَفُ بِذَلِكَ وَكَذَا كُلُّ مَحْمُولٍ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ وَزْنِهِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يُحْمَلُ إلَيْهِ.
فَإِنْ كَانَ كِتَابًا فَوَجَدَ الْمَحْمُولَ إلَيْهِ غَائِبًا فَلَهُ الْأُجْرَةُ لِذَهَابِهِ وَرَدِّهِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَالْمُسَمَّى فَقَطْ وَيَرُدُّهُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ (أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ يَذْكُرُ طُولَهُ) أَيْ: الْحَائِطِ (وَ) يَذْكُرُ (عَرْضَهُ وَسَمْكَهُ) بِفَتْحِ السِّينِ (وَآلَتَهُ) ; لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فَيَقُولُ: مِنْ حِجَارَةٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ وَبِالطِّينِ أَوْ الْجِصِّ وَنَحْوِهِ فَلَوْ بَنَاهُ ثُمَّ سَقَطَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ ; لِأَنَّهُ وَفَّى بِالْعَمَلِ إلَّا إنْ كَانَ سُقُوطُهُ بِتَفْرِيطِهِ نَحْوُ إنْ بَنَاهُ مَحْلُولًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ وَغُرْمُ مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِبِنَاءِ أَذْرُعٍ مَعْلُومَةٍ فَبَنَى بَعْضَهَا وَسَقَطَ فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ وَتَمَامُ الْأَذْرُعِ لِيَفِيَ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِضَرْبِ لَبِنٍ ذَكَرَ عَدَدَهُ وَقَالَبَهُ وَمَوْضِعَ الضَّرْبِ وَلَا يَكْتَفِي بِمُشَاهَدَةِ الْقَالِبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا كَالسَّلْمِ وَلَا يَلْزَمُهُ إقَامَتُهُ لِيَجِفَّ.
(وَ) تَصِحُّ إجَارَةُ (أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ) بِرُؤْيَةٍ لَا وَصْفٍ ; لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَنْضَبِطُ بِهِ وَتَصِحُّ لِتَجْصِيصِ حَائِطٍ وَنَحْوِهِ وَتُقَدَّرُ بِالْمُدَّةِ لَا الْعَمَلِ ; لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ (لِزَرْعٍ) مَعْلُومٍ كَبُرٍّ (أَوْ غَرْسٍ) مَعْلُومٍ كَنَخْلٍ (أَوْ بِنَاءٍ مَعْلُومٍ) كَدَارٍ صِفَتُهَا كَذَا (أَوْ لِزَرْعِ) مَا شَاءَ (أَوْ) ل (غَرْسِ مَا شَاءَ) أَوْ لِبِنَاءِ مَا شَاءَ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِأَكْثَرَ الزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ ضَرَرًا (أَوْ لِزَرْعِ وَغَرْسِ مَا شَاءَ) أَوْ لِغَرْسِ وَبِنَاءِ مَا شَاءَ أَوْ لِزَرْعِ وَغَرْسِ وَبِنَاءِ مَا شَاءَ (أَوْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute