للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي التَّكْفِينِ]

ِ (وَتَكْفِينُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» (وَيَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَ) ل (حَقِّهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (ثَوْبٌ) وَاحِدٌ (لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ (مِنْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ ; لِأَنَّهُ لَا إجْحَافَ فِيهِ عَلَى الْمَيِّتِ، وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ (مَا لَمْ يُوصِ) مَيِّتٌ (بِدُونِهِ) أَيْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَقَدْ تَرَكَهُ.

(وَيُكْرَهُ) أَنْ يُكَفَّنَ فِي (أَعْلَى) مِنْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِهِ لِأَنَّهُ إضَاعَةٌ وَلِلنَّهْيِ عَنْ التَّغَالِي فِي الْكَفَنِ.

(وَ) يَجِبُ (مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ) مِنْ أُجْرَةِ مُغَسِّلٍ وَحَمَّالٍ وَحَفَّارٍ وَنَحْوِهِ (بِمَعْرُوفٍ) لِمِثْلِهِ فَمَنْ أَخْرَجَ فَوْقَ، الْعَادَةِ فِي طِيبٍ وَإِعْطَاءِ مُقْرِئِينَ وَإِعْطَاءِ حَمَّالِينَ وَنَحْوِهِمْ زِيَادَةً عَلَى الْعَادَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُرُوءَةِ فَمُتَبَرِّعٌ، فَإِنْ كَانَ مِنْ تَرِكَةٍ فَمِنْ نَصِيبِهِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ (وَلَا بَأْسَ بِمِسْكٍ فِيهِ) أَيْ الْكَفَنِ نَصًّا (مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) مُتَعَلِّقٌ ب يَجِبُ أَيْ يَجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ مَيِّتٍ، وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ بِمَعْرُوفٍ مِنْ رَأْسِ مَالِ مَيِّتٍ.

فَيُخْرَجُ مِنْ مَالِهِ (مُقَدَّمًا حَتَّى عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ لِأَنَّ سُتْرَتَهُ وَاجِبَةٌ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِأَنَّ حَمْزَةَ وَمُصْعَبًا لَمْ يُوجَدْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا ثَوْبٌ، فَكُفِّنَا فِيهِ وَلِأَنَّ لِبَاسَ الْمُفْلِسِ يُقَدَّمُ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ، فَكَذَا كَفَنُ الْمَيِّتِ، وَلَا يَنْتَقِلُ لِوَرَثَةٍ شَيْءٌ مِنْ مَالِ مَيِّتٍ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ (فَإِنْ عُدِمَ) مَالُ الْمَيِّتِ، فَلَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ تَجْهِيزِهِ (فَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَ حَيَاتِهِ يُؤْخَذُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ حَالَ الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ (إلَّا الزَّوْجَ) فَلَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ زَوْجَتِهِ، وَلَا مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا وَلَوْ مُوسِرًا لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ فِي النِّكَاحِ وَجَبَتْ لِلتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ وَالْبَيْنُونَةِ وَقَدْ انْقَطَعَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ فَأَشْبَهَتْ الْأَجْنَبِيَّةَ، وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ، لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ بِالْمِلْكِ لَا الِانْتِفَاعِ وَلِذَلِكَ تَجِبُ نَفَقَةُ الْآبِقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا مِنْ أَقَارِبِهَا أَوْ مُعْتِقِيهَا، لَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَجَبَ كَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ (مِنْ بَيْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>