وَسَأَلَهُ حَرْبٌ: رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ يَا ابْنَ كَذَا وَكَذَا إلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ؟ فَعَظَّمَهُ جِدًّا وَقَالَ عَنْ الْحَدِّ: لَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ شَيْء وَذَهَبَ إلَى حَدٍّ وَاحِدٍ
(وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً يُتَصَوَّرُ زِنَاهُمْ عَادَةً بِكَلِمَةٍ) وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ: هُمْ زُنَاةٌ (فَطَالَبُوهُ) كُلُّهُمْ (أَوْ) طَلَبَ (أَحَدُهُمْ فَ) عَلَيْهِ (حَدٌّ) وَاحِدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ قَذْفِ وَاحِدٍ وَجَمَاعَةٍ وَلِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ فَلَا يَجِبُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ حَدٍّ وَلِأَنَّ الْحَدَّ شُرِعَ لِإِزَالَةِ الْمَعَرَّةِ بِالْقَذْفِ عَنْ الْمَقْذُوفِ وَبِحَدٍّ وَاحِدٍ يَظْهَرُ كَذِبُ الْقَاذِفِ. وَتَزُولُ الْمَعَرَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَ كُلًّا مِنْهُمْ قَذْفًا مُفْرَدًا، فَإِنْ كَذِبَهُ فِي قَذْفٍ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَذِبُهُ فِي قَذْفٍ آخَرَ، وَالْحَقُّ إذَنْ يَثْبُتُ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ فَأَيُّهُمْ طَلَبَهُ اسْتَوْفَى وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ لِغَيْرِ الْمُسْتَوْفِي، وَإِنْ أَسْقَطَهُ أَحَدُهُمْ فَلِغَيْرِهِ الطَّلَبُ، لِأَنَّ الْمَعَرَّةُ لَمْ تَزُلْ عَنْهُ بِعَفْوِ صَاحِبِهِ.
(وَ) إنْ قَذَفَهُمْ (بِكَلِمَاتٍ) بِأَنْ قَذَفَ كُلًّا بِكَلِمَةٍ أَيْ: جُمْلَةٍ (فَ) عَلَيْهِ (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (حَدٌّ) لِتَعَدُّدِ الْقَذْفِ وَتَعَدُّدِ مَحَلِّهِ كَمَا لَوْ قَذَفَ كُلًّا مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْذِفَ الْآخَرَ
(وَمَنْ حُدَّ لِقَذْفٍ ثُمَّ أَعَادَهُ) أَيْ: الْقَذْفَ عُزِّرَ. لِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ حُدَّ لَهُ فَلَا يُعَادُ كَمَا لَوْ أَعَادَهُ قَبْلَ الْحَدِّ (أَوْ) أَعَادَ مُلَاعِنٌ الْقَذْفَ (بَعْدَ لِعَانِهِ عُزِّرَ وَلَا) يُعَادُ (لِعَانٌ) لِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ لَاعَنَ عَلَيْهِ مَرَّةً كَمَا لَوْ أَعَادَهُ قَبْلَ اللِّعَانِ
(وَ) إنْ قَذَفَهُ (بِزِنًا آخَرَ) غَيْرِ الَّذِي حُدَّ لَهُ (حُدَّ مَعَ طُولِ الزَّمَنِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَحُرْمَةَ الْمَقْذُوفِ لَمْ تَسْقُطْ (وَإِلَّا) يَطُلْ الزَّمَنُ (فَلَا) يُعَادُ عَلَيْهِ الْحَدُّ
(وَمَنْ قَذَفَ مُقِرًّا بِزِنًا وَلَوْ) أَقَرَّ بِهِ (دُونَ أَرْبَعِ) مَرَّاتٍ (عُزِّرَ) لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا وَلَا يُحَدُّ. لِأَنَّ الْمَعَرَّةَ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِإِقْرَارِهِ لَا بِالْقَذْفِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ تَوْبَةٍ مِنْ قَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَنَحْوِهِمَا إعْلَامُهُ وَالتَّحَلُّلُ مِنْهُ. وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي وَعَبْدُ الْقَادِرِ وَصَحَّحَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَجِبُ الِاعْتِرَافُ لَوْ سَأَلَهُ فَيُعَرِّضُ وَلَوْ مَعَ اسْتِحْلَافِهِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ فَتَصَدَّقَ بِعِرْضِهِ عَلَى النَّاسِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَمْ يُبَحْ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهِ لَا يَصِحُّ وَإِذْنُهُ فِي عَرْضِهِ كَإِذْنِهِ فِي قَذْفِهِ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ تَوْجِيهًا لَهُ فِي الْأَخِيرَةِ.
[بَابُ حَدِّ تَنَاوُلِ الْمُسْكِرِ]
ِ وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ السُّكْرِ أَيْ: اخْتِلَافِ الْعَقْلِ (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute