مُؤْنَةُ رَدِّهِ كَوَدِيعٍ، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِاعْتِبَارِهِ مَرْدُودًا (وَلَا تَصِحُّ مَعَ تَلَفِ مُثَمَّنٍ) مُطْلَقًا لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفَسْخِ وَتَصِحُّ مَعَ تَلَفِ ثَمَنٍ (وَ) لَا مَعَ (مَوْتِ عَاقِدٍ) بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ لِعَدَمِ تَأَتِّيهَا.
وَكَذَا لَا تَصِحُّ مَعَ غَيْبَةِ أَحَدِهِمَا (وَلَا بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنٍ) مَعْقُودٍ بِهِ (أَوْ) مَعَ (نَقْصِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) ; لِأَنَّ مُقْتَضَى الْإِقَالَةِ رَدُّ الْأَمْرِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَرُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى مَا كَانَ لَهُ فَلَوْ قَالَ مُشْتَرٍ لِبَائِعٍ: أَقِلْنِي وَلَك كَذَا فَفَعَلَ، فَقَدْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ لِشَبَهِهِ بِمَسَائِلِ الْعِينَةِ ; لِأَنَّ السِّلْعَةَ تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا وَيَبْقَى لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَضْلُ دَرَاهِمَ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: لَكِنَّ مَحْذُورَ الرِّبَا هُنَا بَعِيدٌ جِدًّا. (وَالْفَسْخُ) بِالْإِقَالَةِ أَوْ غَيْرِهَا (رَفْعُ عَقْدٍ مِنْ حِينِ فُسِخَ) لَا مِنْ أَصْلِهِ فَمَا حَصَلَ مِنْ كَسْبٍ وَنَمَاءٍ مُنْفَصِلٍ فَلِمُشْتَرٍ لِحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَلَوْ تَقَايَلَا بَيْعًا فَاسِدًا لَمْ يَنْفُذْ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لِارْتِفَاعِهِ
[بَابُ الرِّبَا وَالصَّرْفِ]
ِ الرِّبَا مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» وَهُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَشَرْعًا (تَفَاضُلٌ فِي أَشْيَاءَ) وَهِيَ الْمَكِيلَاتُ بِجِنْسِهَا وَالْمَوْزُونَاتُ بِجِنْسِهَا (وَنَسَاءٌ فِي أَشْيَاءَ) هِيَ الْمَكِيلَاتُ بِالْمَكِيلَاتِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَالْمَوْزُونَاتُ بِالْمَوْزُونَاتِ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا نَقْدًا (مُخْتَصٌّ بَأَشْيَاءَ) وَهِيَ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ (وَرَدَ) دَلِيلُ (الشَّرْعِ بِتَحْرِيمِهَا) أَيْ تَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهَا نَصًّا فِي الْبَعْضِ وَقِيَاسًا فِي الْبَاقِي مِنْهَا، كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ (فَيَحْرُمُ رِبَا فَضْلٍ فِي كُلِّ مَكِيلٍ) مَطْعُومٍ، كَبُرٍّ وَأُرْزٍ أَوْ لَا كَأُشْنَانٍ بِجِنْسِهِ (أَوْ مَوْزُونٍ) مِنْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مَطْعُومٍ كَسُكَّرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقُطْنٍ (بِجِنْسِهِ) لِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ قَلَّ) الْمَبِيعُ (كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَةٍ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ مَكِيلًا فَيُكَالُ وَإِنْ خَالَفَ عَادَةً كَمَوْزُونٍ وَ (لَا) يَحْرُمُ الرِّبَا (فِي مَاءٍ) لِإِبَاحَتِهِ أَصْلًا وَعَدَمِ تَمَوُّلِهِ عَادَةً (وَلَا) رِبَا (فِيمَا لَا يُوزَنُ عُرْفًا لِصِنَاعَةٍ) لِارْتِفَاعِ سِعْرِهِ بِهَا (مِنْ غَيْرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) فَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَيَحْرُمُ فِيهِمَا مُطْلَقًا (كَمَعْمُولٍ مِنْ نُحَاسٍ) كَأَسْطَالٍ وَدُسُوتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute