ذَوِي الْعُقُولِ الْوَافِرَةِ بَرَاءً مِنْ الشَّحْنَاءِ وَالْبَغْضَاءِ فَإِذَا رَجَعُوا فَأَخْبَرَ اثْنَانِ بِالْعَدَالَةِ قَبِلَ الشَّهَادَةَ، وَإِنْ أَخْبَرَا بِالْجَرْحِ رَدَّهَا، وَإِنْ أَخْبَرَ أَحَدَهُمَا بِالْجَرْحِ وَالْآخَرُ بِالْعَدَالَةِ بَعَثَ آخَرَيْنِ، فَإِنْ عَادَا وَأَخْبَرَا بِالتَّعْدِيلِ تَمَّتْ بَيِّنَتُهُ وَسَقَطَ الْجَرْحُ ; لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ لَمْ تَتِمَّ وَإِنْ أَخْبَرَا بِالْجَرْحِ ثَبَتَ وَسَقَطَ التَّعْدِيلُ
(وَمَنْ نُصِبَ لِلْحُكْمِ فِي جَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ أَوْ) نُصِبَ ل (سَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَنَعَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ) ; لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَشْبَهَ غَيْرَهُ مِنْ الْحُكَّامِ
(وَمَنْ سَأَلَهُ حَاكِمٌ عَنْ تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ أَخْبَرَ) وُجُوبًا بِالْوَاقِعِ، (وَإِلَّا) يَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ (لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعِي: مَا لِي بَيِّنَةٌ]
فَصْلٌ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي مَا لِي بَيِّنَةٌ فَقَوْلُ مُنْكِرٍ بِيَمِينِهِ إلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ (أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) لِعِصْمَتِهِ (فَيُعْلِمُهُ) أَيْ الْمُدَّعِيَ (حَاكِمٌ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ خَصْمِهِ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ لِحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ: " «أَنَّ رَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: إنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضِي وَرِثْتُهَا مِنْ أَبِي، وَقَالَ الْكِنْدِيُّ أَرْضِي وَفِي يَدِي لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ. فَقَالَ: إنَّهُ لَا يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ قَالَ: لَيْسَ لَكَ إلَّا ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(فَإِنْ سَأَلَ) الْمُدَّعِي (إحْلَافه) أَيْ الْمُنْكِرِ، (وَلَوْ عُلِمَ) وَقْتَ إحْلَافه (عَدَمُ قُدْرَتِهِ) أَيْ الْمُنْكِرِ (عَلَى حَقِّهِ، وَيُكْرَهُ) لَهُ إحْلَافه إذَنْ لِئَلَّا يَضْطَرَّهُ إلَى الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْحَبْسِ إذَا أَقَرَّ لِعُسْرَتِهِ، (أُحْلِفَ عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ) نَصًّا لَا عَلَى صِفَةِ الدَّعْوَى ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ الْجَوَابِ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ،.
(وَ) إذَا حَلَفَ (خَلَّى) سَبِيلَهُ لِانْقِطَاعِ الْخُصُومَةِ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ: " «لَيْسَ لَكَ إلَّا ذَلِكَ» "
(وَتَحْرُمُ دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (ثَانِيًا وَتَحْلِيفُهُ) أَيْضًا (كَبَرِيءٍ) أَيْ كَمَا تَحْرُمُ دَعْوَاهُ عَلَى بَرِيءٍ وَتَحْلِيفُهُ ; لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهُ
(وَلَا يُعْتَدُّ بِيَمِينِ) مُنْكِرٍ (إلَّا) إذَا كَانَتْ (بِأَمْرِ حَاكِمٍ) وَ (سُؤَالِ مُدَّعٍ طَوْعًا) فَإِنْ حَلَفَ بِلَا أَمْرِ حَاكِمٍ أَوْ حَلَّفَهُ حَاكِمٌ بِلَا سُؤَالِ مُدَّعٍ أَوْ بِسُؤَالِهِ كُرْهًا لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الْيَمِينُ، فَإِذَا سَأَلَ الْمُدَّعِي الْحَاكِمَ إعَادَتَهَا أَعَادَهَا
(وَلَا يَصِلُهَا) أَيْ الْيَمِينَ مُنْكِرٌ (بِاسْتِثْنَاءٍ) ; لِأَنَّهُ يُزِيلُ