للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ وَشَرْطُ الْمُنَاضَلَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ]

(فَصْلٌ وَشَرْطُ الْمُنَاضَلَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ) أَحَدُهَا (كَوْنُهَا عَلَى مَنْ يُحْسِنُ الرَّمْيَ) ; لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ الْحِذْقِ بِهِ. وَمَنْ لَا حِذْقَ لَهُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (وَتَبْطُلُ) مُنَاضَلَةٌ بَيْنَ حِزْبَيْنِ إذَا كَانَ فِي أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ مَنْ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ (فِيمَنْ لَا يُحْسِنُهُ مِنْ أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ وَيَخْرُجُ مِثْلُهُ) أَيْ: مَنْ جُعِلَ بِإِزَائِهِ (مِنْ) الْحِزْبِ (الْآخَرِ) إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّئِيسَيْنِ يَخْتَارُ إنْسَانًا وَالْآخَرُ فِي مُقَابَلَتِهِ آخَرُ. فَمَنْ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ وَأُخْرِجَ مُقَابِلُهُ، كَالْبَيْعِ إذَا بَطَلَ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ سَقَطَ مَا قَابَلَهُ مِنْ الثَّمَنِ (وَلَهُمْ) أَيْ: الْبَاقِينَ (الْفَسْخُ إنْ أَحَبُّوا) لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ فِي حَقِّهِمْ.

(وَإِنْ تَعَاقَدُوا لِيَقْتَسِمُوا بَعْدَ الْعَقْدِ حِزْبَيْنِ) أَيْ: لِيُعَيَّنَ رَئِيسُ كُلِّ حِزْبٍ مَعَهُ (بِرِضَاهُمْ لَا بِقُرْعَةٍ. صَحَّ) ; لِأَنَّ الْقُرْعَةَ قَدْ تَقَعُ عَلَى الْحُذَّاقِ فِي أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ وَعَلَى الْكَوَادِنِ فِي الْآخَرِ. فَيَبْطُلُ مَقْصُودُ النِّضَالِ ; وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تُخْرِجُ الْمُبْهَمَاتِ. وَالْعَقْدُ لَا يَتِمُّ حَتَّى يَتَمَيَّزَ كُلُّ حِزْبٍ " وَيُجْعَلُ لِكُلِّ حِزْبٍ رَئِيسٌ، فَيَخْتَارُ أَحَدُهُمَا " أَيْ: أَحَدُ الرَّئِيسَيْنِ (وَاحِدًا) مِنْ الرُّمَاةِ يَكُونُ مَعَهُ (ثُمَّ) يَخْتَارُ (الْآخَرُ) مِنْ الرَّئِيسَيْنِ (آخَرُ) مِنْ الرُّمَاةِ (حَتَّى يَفْرُغَا) فَيَتِمُّ الْعَقْدُ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ بِالِاخْتِيَارِ إذَنْ. وَلَا يَجُوزُ اخْتِيَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ. لِأَنَّ اخْتِيَارَ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ يَبْعُدُ مِنْ التَّسَاوِي وَالْعَدْلِ.

(وَإِنْ تَشَاحَّا فِيمَنْ يَبْدَأُ) مِنْ الرَّئِيسَيْنِ (بِالْخِيَرَةِ اقْتَرَعَا) فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ اخْتَارَ أَوَّلًا. إذْ الْقُرْعَةُ تُمَيِّزُ الْمُسْتَحِقَّ بَعْدَ ثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَتَسَاوِي أَهْلِهِ (وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ رَئِيسِ الْحِزْبَيْنِ وَاحِدًا) ; لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ سَبَقَ لِتَدْبِيرِهِ لَهُمَا، فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْمُنَاضَلَةِ (وَلَا) يَجُوزُ جَعْلُ (الْخِيَرَةِ فِي تَمْيِيزِهِمَا) أَيِّ الْحِزْبَيْنِ (إلَيْهِ) أَيْ: إلَى وَاحِدٍ لِمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ أَرَادُوا الْقُرْعَةَ لِإِخْرَاجِ الزَّعِيمَيْنِ جَازَ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ. وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ عَدَدِ الرُّمَاةِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحِزْبَيْنِ عَشَرَةً وَالْآخَرِ ثَمَانِيَةً وَنَحْوُهُ. الشَّرْطُ (الثَّانِي: مَعْرِفَةُ عَدَدِ الرَّمْيِ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الِاخْتِلَافِ. فَقَدْ يُرِيدُ أَحَدُهُمَا الْقَطْعَ وَيُرِيدُ الْآخَرُ الزِّيَادَةَ.

وَالرِّشْقُ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَدَدُ الرَّمْيِ، وَبِفَتْحِهَا مَصْدَرُ رَشَقَ الشَّيْءَ رَشْقًا (وَ) مَعْرِفَةُ عَدَدِ (الْإِصَابَةِ) لِتَبَيُّنِ مَقْصُودِ الْمُنَاضَلَةِ وَهُوَ الْحِذْقُ. فَيُقَالُ مَثَلًا: الرِّشْقُ عِشْرُونَ، وَالْإِصَابَةُ خَمْسَةٌ وَنَحْوُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>