لِأَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظٍ صَرِيحٍ مِنْ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ وَالتَّشْرِيكُ فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمَا كِنَايَةٌ (بِخِلَافِ الظِّهَارِ) وَالطَّلَاقِ فَإِذَا ظَاهَرَ مِنْ إحْدَى نِسَائِهِ أَوْ طَلَّقَهَا وَقَالَ لِأُخْرَى أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا وَقَعَ بِالْأُخْرَى كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الظِّهَارَ كَالطَّلَاقِ فِي التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ فَكَذَا فِي التَّشْرِيكِ.
[فَصْلٌ وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَيُمْكِنُهُ الْوَطْءُ]
(مِنْ) مُسْلِمٍ و (كَافِرٍ) وَحُرٍّ (وَقِنٍّ) وَبَالِغٍ (وَمُمَيِّزٍ) يَعْقِلُهُ وَسَكْرَانَ وَغَضْبَانَ وَمَرِيضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَمَنْ لَمْ (يَدْخُلْ) بِزَوْجَتِهِ و (لَا) يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى -: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦] وَلَا (مِنْ مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ) ; لِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُمَا (و) لَا مِنْ (عَاجِزٍ عَنْ وَطْءٍ لِجَبٍّ كَامِلٍ أَوْ شَلَلٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْوَطْءُ لِامْتِنَاعِهِ بِعَجْزِهِ (وَيُضْرَبُ لِمُولٍ وَلَوْ) كَانَ (قِنًّا) لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْآيَةِ (مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَمِينِهِ) لِلْآيَةِ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى ضَرْبِ حَاكِمٍ كَالْعِدَّةِ (وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ زَمَنُ عُذْرِهِ) فِيهَا كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ وَإِحْرَامٍ وَحَبْسٍ ; لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَدْ وُجِدَ التَّمْكِينُ مِنْهَا.
و (لَا) يُحْسَبُ زَمَنُ (عُذْرِهَا كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ وَإِحْرَامٍ وَنِفَاسٍ) وَمَرَضِهَا وَحَبْسِهَا وَسَفَرِهَا وَلَا تُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ، لِأَنَّ الْمُدَّةَ تُضْرَبُ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَالْمَنْعُ هُنَا مِنْ قِبَلِهَا (بِخِلَافِ حَيْضِهَا) فَيُحْسَبُ مِنْ الْمُدَّةِ وَلَا يَقْطَعُهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى إسْقَاطِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ إذْ لَا يَخْلُو مِنْ الْحَيْضِ شَهْرٌ غَالِبًا (وَإِنْ حَدَثَ عُذْرُهَا) أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ (اُسْتُؤْنِفَتْ) الْمُدَّةُ (لِزَوَالِهِ) وَلَمْ تَبِنْ عَلَى مَا مَضَى لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْله تَعَالَى: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] يَقْتَضِي أَنَّهَا مُتَوَالِيَةٌ فَإِذَا انْقَطَعَتْ بِحُدُوثِ عُذْرِهَا وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا كَمُدَّةِ الصَّوْمِ فِي الْكَفَّارَةِ (وَلَا) تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ (إنْ حَدَثَ عُذْرُهُ) فِي أَثْنَائِهَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ.
(وَإِنْ ارْتَدَّا أَوْ) ارْتَدَّ (أَحَدُهُمَا بَعْدَ دُخُولٍ ثُمَّ أَسْلَمَا) فِي الْعِدَّةِ إنْ ارْتَدَّا (أَوْ أَسْلَمَ) مَنْ ارْتَدَّ مِنْهُمَا (فِي الْعِدَّةِ اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ) وَكَذَا إنْ أَسْلَمَ كَافِرَانِ أَوْ زَوْجُ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ بَعْدَ دُخُولٍ فِي الْعِدَّةِ (كَمَنْ بَانَتْ) فِي الْمُدَّةِ (ثُمَّ عَادَتْ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ بَانَتْ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ ; لِأَنَّهَا بِالْبَيْنُونَةِ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلَمَّا عَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute