[فَصْلٌ وَوَكِيلُ كُلِّ وَلِيٍّ مِمَّنْ تَقَدَّمَ يَقُومُ مَقَامَهُ غَائِبًا وَحَاضِرًا فِي النِّكَاح]
فَصْلٌ وَوَكِيلُ كُلِّ وَلِيٍّ مِمَّنْ تَقَدَّمَ (يَقُومُ مَقَامَهُ غَائِبًا وَحَاضِرًا) مُجْبِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِيهِ كَالْبَيْعِ وَقِيَاسًا عَلَى تَوْكِيلِ الزَّوْجِ، لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَكَّلَ أَبَا رَافِعٍ فِي تَزْوِيجِهِ مَيْمُونَةَ وَوَكَّلَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي تَزْوِيجِهِ أُمَّ حَبِيبَةَ» (وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْمُجْبَرِ (أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ إذْنِهَا) أَيْ مُوَلِّيَتِهِ (وَ) لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ (بِدُونِهِ) أَيْ إذْنِ مُوَلِّيَتِهِ، لِأَنَّهُ إذْنٌ مِنْ الْوَلِيِّ فِي التَّزْوِيجِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْمَرْأَةِ وَلَا الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ كَإِذْنِ الْحَاكِمِ، وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ لَيْسَ وَكِيلًا لِلْمَرْأَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ عَزْلَهُ مِنْ الْوِلَايَةِ.
(وَيَثْبُتُ لِوَكِيلِ) وَلِيٍّ (مَا لَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ (مِنْ إجْبَارٍ وَغَيْرِهِ) لِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَكَذَا سُلْطَانٌ وَحَاكِمٌ يَأْذَنُ لِغَيْرِهِ فِي التَّزْوِيجِ (لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ لِوَكِيلِ) وَلِيِّهَا لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ غَيْرِ مُجْبِرٍ فَيَثْبُتُ لَهُ مَا يَثْبُتُ لِمَنْ يَنُوبُ عَنْهُ (فَلَا يَكْفِي إذْنُهَا لِوَلِيِّهَا بِتَزْوِيجٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِيهِ) أَيْ التَّزْوِيجِ (بِلَا مُرَاجَعَةِ وَكِيلٍ أَيْ اسْتِئْذَانٍ لَهَا) أَيْ لِغَيْرِ الْمُجْبَرَةِ فِي التَّزْوِيجِ (وَإِذْنِهَا لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (فِيهِ) أَيْ التَّزْوِيجِ (بَعْدَ تَوْكِيلِهِ) لِأَنَّ الَّذِي يُعْتَبَرُ إذْنُهَا فِيهِ لِلْوَكِيلِ هُوَ غَيْرُ مَا يُوَكَّلُ فِيهِ الْمُوَكَّلُ فَهُوَ كَالْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ وَلَا أَثَرَ لِإِذْنِهَا فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَهُ الْوَلِيُّ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ إذَنْ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَكَوَلِيٍّ (فَلَوْ وَكَّلَ وَلِيُّ) غَيْرِ مُجْبَرَةٍ فِي تَزْوِيجِهَا (ثُمَّ أَذِنَتْ لِوَكِيلِهِ) أَيْ وَكِيلِ وَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا فَزَوَّجَهَا (صَحَّ) النِّكَاحُ (وَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ لِلْوَلِيِّ) فِي التَّوْكِيلِ أَوْ التَّزْوِيجِ لِقِيَامِ وَكِيلِهِ مَقَامَهُ
(وَيُشْتَرَطُ فِي وَكِيلِ وَلِيٍّ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ الْوَلِيِّ مِنْ ذُكُورَةٍ وَبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَعَدَالَةٍ وَرُشْدٍ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاشِرَهَا غَيْرُ أَهْلِهَا، وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَ مَوْلَاتِهِ أَصَالَةً فَلِئَلَّا يَمْلِكَ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَةِ غَيْرِهِ بِالتَّوْكِيلِ أَوْلَى
(وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ وَنَحْوِهِ) كَيَهُودِيٍّ وَكَّلَهُ مُسْلِمٌ (فِي قَبُولِ) نِكَاحِ يَهُودِيَّةٍ لَهُ لِأَنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ لِنَفْسِهِ النِّكَاحَ فَصَحَّ لِغَيْرِهِ (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ (مُطْلَقًا) كَقَوْلِهِ (زَوِّجْ مَنْ شِئْت) نَصًّا،.
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ تَرَكَ ابْنَتَهُ عِنْدَ عُمَرَ وَقَالَ إذَا وَجَدْت كُفْؤًا فَزَوِّجْهُ وَلَوْ بِشِرَاكِ نَعْلِهِ فَزَوَّجَهَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَهِيَ أُمُّ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكَرْ، وَلِأَنَّهُ إذْنٌ فِي النِّكَاح فَجَازَ مُطْلَقًا كَإِذْنِ الْمَرْأَةِ لِوَلِيِّهَا
(وَلَا يَمْلِكُ وَكِيلٌ بِهِ) أَيْ بِالتَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ (أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ) كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ، لِأَنَّ إطْلَاقَ الْإِذْنِ يَقْتَضِي تَزْوِيجَهَا غَيْرَهُ وَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute