الْغَصْبِ) لِمَا أَدْخَلَ عَلَى قَلْبِ مَالِكِهِ مِنْ أَلَمِ الْغَصْبِ وَمَضَرَّةِ الْمَنْعِ مِنْ مِلْكِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، فَلَا يَزُولُ إثْمُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّوْبَةِ (وَلَوْ رَدَّهُ) أَيْ: الْمَغْصُوبَ (وَرَثَةُ غَاصِبِهِ) بَعْدَ مَوْتِهِ وَمَوْتِ مَالِكِهِ إلَى وَرَثَتِهِ (فَلِمَغْصُوبٍ مِنْهُ مُطَالَبَتُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ بِمَا غَصَبَهُ مِنْهُ (فِي الْآخِرَةِ) ; لِأَنَّ الْمَظَالِمَ لَوْ انْتَقَلَتْ لَمَا اسْتَقَرَّ لِمَظْلُومٍ حَقٌّ فِي الْآخِرَةِ ; وَلِأَنَّهَا ظُلَامَةٌ عَلَيْهِ قَدْ مَاتَ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهَا بِرَدٍّ وَلَا تَبْرِئَةٍ. فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِرَدِّ غَيْرِهِ لَهَا إلَى غَيْرِ الْمَظْلُومِ، كَمَا لَوْ جَهِلَ وَرَثَةَ رَبِّهَا فَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْهُمْ.
[فَصْلٌ أَتْلَفَ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ]
(فَصْلٌ وَمَنْ أَتْلَفَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرِهِ) إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ رَبُّهُ لَهُ (وَلَوْ سَهْوًا مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ) أَيْ: الْمُتْلِفِ (بِلَا إذْنِهِ) أَيْ: الْمَالِكِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْمُتْلِفُ (يَضْمَنُهُ ضَمَّنَهُ) أَيْ: مَا أَتْلَفَهُ. لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ غَصَبَهُ فَتَلِفَ عِنْدَهُ. وَخَرَجَ بِالْمَالِ نَحْوُ سِرْجِينٍ نَجَسٍ وَكَلْبٍ وَبِالْمُحْتَرَمِ نَحْوُ صَنَمٍ وَصَلِيبٍ وَآلَاتِ لَهْوٍ، وَبِقَوْلِهِ لِغَيْرِ مَالِ نَفْسِهِ، وَبِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ يَضْمَنُهُ مَا يُتْلِفُهُ أَهْلُ الْعَدْلِ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَقْتَ حَرْبٍ وَعَكْسِهِ وَمَا يُتْلِفُهُ الْمُسْلِمُ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ وَعَكْسِهِ وَمَا يُتْلِفُهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لَحْظُهُ مِمَّا دُفِعَ إلَيْهِ وَالصَّائِلُ وَيَأْتِي. (وَإِنْ أُكْرِهَ) شَخْصٌ عَلَى إتْلَافِ مَالٍ مَضْمُونٍ فَأَتْلَفَهُ (فَمُكْرِهُهُ) يَضْمَنُهُ، (وَلَوْ) أُكْرِهَ (عَلَى إتْلَافِ مَالِ نَفْسِهِ) كَإِكْرَاهِهِ عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ إلَى غَيْرِ رَبِّهَا وَلِإِبَاحَةِ إتْلَافِهِ وَوُجُوبِهِ، بِخِلَافِ قَتْلٍ وَلَمْ يَخْتَرْهُ بِخِلَافِ مُضْطَرٍّ. فَإِنَّهُ يَأْكُلُ مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَ (لَا) يُضْمَنُ الْمَالُ إنْ كَانَ (غَيْرَ مُحْتَرَمٍ) بِإِتْلَافِهِ (كَ) إتْلَافِ (صَائِلٍ) لَمْ يَنْدَفِعْ بِدُونِهِ.
(وَ) إتْلَافِ (رَقِيقٍ حَالَ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ. وَمَالِ حَرْبِيٍّ وَنَحْوِهِمْ) كَمَالِ بُغَاةٍ مَعَ أَهْلِ عَدْلٍ وَعَكْسُهُ حَالَ حَرْبٍ، (فَإِنْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ) مَمْلُوكٍ مُحْتَرَمٍ فَفَاتَ أَوْ أَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ أَوْ فَتَحَ إصْطَبْلَ حَيَوَانٍ (أَوْ حَلَّ قَيْدَ قِنٍّ أَوْ أَسِيرٍ أَوْ دَفَعَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ: الْقِنِّ أَوْ الْأَسِيرِ (مِبْرَدًا فَبَرَدَهُ) أَيْ: الْقَيْدَ وَفَاتَ أَوْ أَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ، (أَوْ حَلَّ فَرَسًا) وَنَحْوَهَا (أَوْ) حَلَّ (سَفِينَةً فَفَاتَ) ذَلِكَ بِأَنْ ذَهَبَ الطَّائِرُ مِنْ الْقَفَصِ، أَوْ دَخَلَ إلَيْهِ حَيَوَانٌ فَقَتَلَهُ، أَوْ هَرَبَ الْقِنُّ أَوْ الْأَسِيرُ ; أَوْ شَرَدَتْ الْفَرَسُ وَنَحْوُهَا، أَوْ غَرِقَتْ السَّفِينَةُ لِعُصُوفِ رِيحٍ أَوْ لَا (أَوْ عَقَرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) بِسَبَبِ إطْلَاقِهِ، بِأَنْ كَانَ الطَّائِرُ جَارِحًا فَقَلَعَ عَيْنَ إنْسَانٍ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا لَوْ حَلَّ سِلْسِلَةَ فَهْدٍ فَقَتَلَ أَوْ عَقَرَ ضَمِنَهُ (أَوْ أَتْلَفَ) الطَّائِرُ أَوْ الْقِنُّ أَوْ الْفَرَسُ وَنَحْوُهُ (شَيْئًا) كَأَنْ كَسَرَ إنَاءً أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute