قَتَلَ إنْسَانًا أَوْ أَتْلَفَ مَالًا، أَوْ أَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ الَّتِي حَلَّهَا زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ انْحَدَرَتْ السَّفِينَةُ الَّتِي حَلَّهَا عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَتْهُ وَنَحْوَهُ ضَمِنَهُ (أَوْ) حَلَّ (وِكَاءَ زِقِّ) دُهْنٍ (مَائِعٍ أَوْ جَامِدٍ فَأَذَابَتْهُ الشَّمْسُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذَابَتْهُ نَارٌ قَرَّبَهَا إلَيْهِ غَيْرُهُ. فَإِنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهُ مُقَرِّبُهَا. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ (أَوْ بَقِيَ بَعْدَ حَلِّهِ) مُنْتَصِبًا (فَأَلْقَتْهُ رِيحٌ) أَوْ زَلْزَلَةٌ أَوْ مَطَرٌ أَوْ نَحْوُهُ (فَانْدَفَقَ) أَوْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَلْ أَسْفَلَهُ فَسَقَطَ، أَوْ لَمْ يَزَلْ يَمِيلُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى سَقَطَ فَانْدَفَقَ أَوْ لَمْ يَنْدَفِقْ، بَلْ خَرَجَ مَا فِيهِ شَيْئًا فَشَيْئًا (ضَمِنَهُ) الْمُعْتَدِي بِذَلِكَ سَوَاءٌ نَفَرَهُ مَعَ ذَلِكَ أَوْ لَا، أَوْ ذَهَبَ مَا حَلَّهُ عَقِبَ حَلِّهِ أَوْ لَا لِحُصُولِ تَلَفِهِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ. وَلِأَنَّ الطَّائِرَ وَسَائِرَ الصَّيْدِ مِنْ عَادَتِهِ النُّفُورُ، وَإِنَّمَا يَبْقَى مَعَ الْمَانِعِ فَإِذَا أُزِيلَ ذَهَبَ بِطَبْعِهِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ عِلَاقَةَ قِنْدِيلٍ فَسَقَطَ فَانْكَسَرَ. وَ (لَا) يَضْمَنُ (دَافِعُ مِفْتَاحِ) نَحْوِ دَارٍ فِيهَا مَالٌ (لِلِّصِّ) مَا سَرَقَهُ اللِّصُّ مِنْ الْمَالِ لِمُبَاشَرَةِ اللِّصِّ لِلسَّرِقَةِ، فَهُوَ أَوْلَى بِإِحَالَةِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مِنْ الْمُتَسَبِّبِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: أَوْ فَتَحَ حِرْزًا فَجَاءَ آخَرُ فَسَرَقَ.
وَفِي الْإِقْنَاعِ: إنْ فَتَحَ بَابًا فَنَهَبَ الْغَيْرُ مَالَهُ أَوْ سَرَقَهُ ضَمِنَ وَالْقَرَارُ عَلَى الْآخِذِ.
وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ أَزَالَ يَدَ إنْسَانٍ عَنْ نَحْوِ عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ طَيْرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ وَحْشِيَّةٍ فَهَرَبَ، أَوْ أَزَالَ يَدَهُ الْحَافِظَةَ عَنْ مَتَاعِهِ حَتَّى نَهَبَهُ النَّاسُ أَوْ أَفْسَدَتْهُ الدَّوَابُّ أَوْ الْمَاءُ أَوْ النَّارُ أَوْ سُرِقَ، أَوْ ضَرَبَ يَدَ آخَرَ وَفِيهَا دِينَارٌ فَضَاعَ، أَوْ أَلْقَى عِمَامَتَهُ عَنْ رَأْسِهِ أَوْ هَزَّهُ فِي خُصُومَةٍ فَسَقَطَتْ عِمَامَتُهُ وَضَاعَتْ أَوْ تَلِفَتْ ضَمِنَ، (وَلَا) يَضْمَنُ (حَابِسُ مَالِكِ دَوَابَّ فَتَتْلَفُ) دَوَابُّهُ بِحَبْسِهِ لَهُ.
وَفِي الْمُبْدِعِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْحَبْسِ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ، (وَلَوْ بَقِيَ الطَّائِرُ) الَّذِي فُتِحَ قَفَصُهُ (أَوْ) بَقِيَ (الْغَرْسُ) الَّذِي حَلَّ قَيْدَهُ (حَتَّى نَفَّرَهُمَا آخَرُ) بَعْدَ ذَلِكَ فَذَهَبَا (ضَمِنَ الْمُنَفِّرُ) وَحْدَهُ ; لِأَنَّ سَبَبَهُ أَخَصُّ فَاخْتَصَّ الضَّمَانُ بِهِ، كَدَافِعِ وَاقِعٍ فِي بِئْرٍ مَعَ حَافِرِهَا، وَكَذَا لَوْ حَلَّ حَيَوَانًا وَحَرَّضَهُ آخَرُ فَجَنَى فَضَمَانُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْمُحَرِّضِ، وَإِنْ وَقَعَ طَائِرٌ عَلَى جِدَارٍ فَنَفَّرَهُ شَخْصٌ فَذَهَبَ لَمْ يَضْمَنْهُ لِامْتِنَاعِهِ قَبْلَهُ، فَلَيْسَ تَنْفِيرُهُ بِسَبَبِ فَوَاتِهِ، وَإِنْ رَمَاهُ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ كَمَا لَوْ رَمَاهُ فِي هَوَاءٍ وَغَيْرِهِ.
(وَمَنْ رَبَطَ) دَابَّةً (أَوْ أَوْقَفَ دَابَّةً) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (بِطَرِيقٍ وَلَوْ) كَانَ الطَّرِيقُ (وَاسِعًا) نَصًّا (أَوْ تَرَكَ بِهَا) أَيْ: الطَّرِيقِ وَلَوْ وَاسِعًا (طِينًا أَوْ خَشَبَةً أَوْ عَمُودًا أَوْ حَجَرًا أَوْ كِيسَ دَرَاهِمَ) نَصًّا (أَوْ أَسْنَدَ خَشَبَةً إلَى حَائِطٍ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِ) سَبَبِ (ذَلِكَ) الْفِعْلِ لِتَعَدِّيهِ بِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ حَقٌّ وَطَبْعُ دَابَّةٍ الْجِنَايَةُ بِفَمِهَا أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute