[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]
كِتَابُ الْعَارِيَّةِ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا مِنْ عَارَ الشَّيْءُ إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ. وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَطَّالِ: عَيَّارٌ لِتَرَدُّدِهِ فِي بَطَالَتِهِ. وَأَعَارَهُ وَعَارَهُ لُغَتَانِ كَ أَطَاعَهُ وَطَاعَهُ، أَوْ مِنْ الْعُرْيِ وَهُوَ التَّجَرُّدُ لِتَجَرُّدِهَا عَنْ الْعِوَضِ، أَوْ مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّنَاوُبُ لِجَعْلِ الْمَالِكِ لِلْمُسْتَعِيرِ نَوْبَةً فِي الِانْتِفَاعِ. وَهِيَ (الْعَيْنُ الْمَأْخُوذَةُ) مِنْ مَالِكٍ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ لِمَنْفَعَتِهَا أَوْ وَكِيلُهُ (لِلِانْتِفَاعِ بِهَا مُطْلَقًا) أَوْ زَمَنًا مَعْلُومًا (بِلَا عِوَضٍ) وَتُطْلَقُ كَثِيرًا عَلَى الْإِعَارَةِ مَجَازًا (وَالْإِعَارَةُ إبَاحَةُ نَفْعِهَا) أَيْ: الْعَيْنِ أَيْ: رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ تَنَاوُلِهَا. وَلَيْسَتْ تَمْلِيكًا يَسْتَفِيدُ بِهِ التَّصَرُّفَ فِيهَا كَمَا يَسْتَفِيدُهُ بِالْإِجَارَةِ (بِلَا عِوَضٍ) وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ بِالْإِجْمَاعِ.
وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى " {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَهِيَ مِنْ الْبِرِّ وقَوْله تَعَالَى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٧] .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ " الْعَوَارِيّ " وَفَسَّرَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْعَوَارِيّ: بِالْقِدْرِ وَالْمِيزَانِ وَالدَّلْوِ. وَحَدِيثُ " «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ» " قَالَ التِّرْمِذِيُّ " حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتْ هِبَةُ الْأَعْيَانِ جَازَتْ هِبَةُ الْمَنَافِعِ. وَلِذَلِكَ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِمَا (وَتُسْتَحَبُّ) الْإِعَارَةُ ; لِأَنَّهَا مِنْ الْبِرِّ وَالْمَعْرُوفِ، وَلَا تَجِبُ لِحَدِيثِ " «إذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ» " رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَلِحَدِيثِ " «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» " وَنَحْوُهُ، فَيُرَدُّ مَا خَالَفَهُ إلَيْهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ.
(وَتَنْعَقِدُ) الْإِعَارَةُ (بِكُلِّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا) أَيْ: الْإِعَارَةِ، ك أَعَرْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ ارْكَبْهَا إلَى كَذَا، أَوْ اسْتَرِحْ عَلَيْهَا أَوْ خُذْهَا تَحْتَك وَنَحْوُهُ كَدَفْعِهِ دَابَّةً لِرَفِيقِهِ عِنْدَ تَعَبِهِ وَتَغْطِيَتِهِ بِكِسَائِهِ لِبَرْدِهِ، كَدَفْعِ الصَّدَقَةِ فَإِذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ اسْتَبْقَى الْكِسَاءَ عَلَيْهِ كَانَ قَبُولًا. وَكَذَا لَوْ سُمِعَ مَنْ يَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي كَذَا؟ فَأَعْطَاهُ كَفَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute