الْمَالُ مَالُ اللَّهِ وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ وَاَللَّهِ لَوْلَا مَا أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا فِي شِبْرٍ " قَالَ مَالِكٌ " بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ فِي كُلِّ عَامٍ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْ الظَّهْرِ ".
وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ عُثْمَانَ حَمَى، وَاشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكَرْ. وَلِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ تَقُومُ فِيهِ الْأَئِمَّةُ مُقَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثِ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أُجِيبُ عَنْهُ: بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا يَحْمِيهِ الْإِمَامُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ ضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ حُرِمَ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ. وَالْحِمَى الْمَنْعُ، يُقَالُ: حَمَى الْمَكَانَ إذَا جَعَلَهُ حِمًى لَا يُقْرَبُ. وَلَمْ يَحْمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا حَمَى لِلْمُسْلِمِينَ (وَلَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ إذَا حَمَى مَحِلًّا (نَقْضُ مَا حَمَاهُ) ; لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ (أَوْ) أَيْ: وَلَهُ نَقْضُ مَا حَمَاهُ (غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ) ; لِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ فَلَهُ نَقْضُهُ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ. فَلَوْ أَحْيَاهُ إنْسَانٌ مَلَكَهُ. قُلْتُ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ، بَلْ عَمَلٌ بِكُلٍّ مِنْ الِاجْتِهَادَيْنِ فِي مَحِلِّهِ كَالْحَادِثَةِ إذَا حَكَمَ فِيهَا قَاضٍ بِحُكْمٍ ثُمَّ وَقَعَتْ مَرَّةً أُخْرَى وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ كَقَضَاءِ عُمَرَ فِي الْمُشَرَّكَةِ. وَ (لَا) يَنْقُضُ أَحَدٌ (مَا حَمَاهُ النَّبِيُّ) ; لِأَنَّ النَّصَّ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (وَلَا يُمَلَّكُ) مَا حَمَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِإِحْيَاءٍ وَلَوْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ) ، وَإِنْ كَانَ الْحِمَى لِكَافَّةِ النَّاسِ تَسَاوَى فِيهِ جَمِيعُهُمْ. فَإِنْ خُصَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ اشْتَرَكَ فِيهِ غَنِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ وَمُنِعَ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَإِنْ خُصَّ بِهِ الْفُقَرَاءُ مُنِعَ مِنْهُ الْأَغْنِيَاءُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ، وَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْأَغْنِيَاءِ أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَرْبَابِ الدَّوَابِّ عِوَضًا عَنْ مَرْعَى مَوَاتٍ أَوْ حِمًى لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَكَ النَّاسَ فِيهِ.
[فَصْلٌ لِمَنْ فِي أَعْلَى مَاءٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ كَالْأَمْطَارِ أَنْ يَسْقِيَ وَيَحْبِسَهُ]
فَصْلٌ وَلِمَنْ فِي أَعْلَى مَاءٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ كَالْأَمْطَارِ وَالْأَنْهَارِ الصِّغَارِ أَنْ يَسْقِيَ وَيَحْبِسَهُ أَيْ: الْمَاءَ (حَتَّى يَصِلَ إلَى كَعْبِهِ، ثُمَّ يُرْسِلَهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ) أَيْ: السَّاقِي أَوَّلًا (ثُمَّ هُوَ) أَيْ: الَّذِي يَلِي الْأَعْلَى يَفْعَلُ (كَذَلِكَ) أَيْ: يَسْقِي وَيَحْبِسُ حَتَّى يَصِلَ إلَى كَعْبِهِ، ثُمَّ يُرْسِلَهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ، وَهَكَذَا (مُرَتَّبًا) الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى إلَى انْتِهَاءِ الْأَرَاضِي (إنْ فَضَلَ شَيْءٌ) عَمَّنْ لَهُ السَّقْيُ وَالْحَبْسُ (وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلْبَاقِي) أَيْ لِمَنْ بَعْدَهُ. إذْ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا فَضَلَ كَالْعَصَبَةِ مَعَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ فِي الْمِيرَاثِ. لِحَدِيثِ عُبَادَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute