مَا أَخَذَ الْجَانِي دِيَتَهُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
(وَمَنْ قُلِعَ سِنُّهُ أَوْ ظُفْرُهُ) تَعَدِّيًا (أَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ كَمَارِنٍ وَأُذُنٍ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّا يُمْكِنُ عَوْدُهُ (فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَلَهُ) أَيْ: الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَرْشُ نَقْصِهِ) أَيْ حُكُومَةً ; لِأَنَّهَا أَرْشُ كُلِّ نَقْصٍ بِجِنَايَةٍ لَا مُقَدَّرَ فِيهَا (وَإِنْ قَلَعَهُ) أَيْ مَا قُطِعَ ثُمَّ رُدَّ فَالْتَحَمَ. (قَالِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ) وَلَا قِصَاصَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُقَادُ بِهِ الصَّحِيحُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ لِنَقْصِهِ بِالْقَلْعِ الْأَوَّلِ.
(وَمَنْ جَعَلَ مَكَانَ سِنٍّ قُلِعَتْ) بِجِنَايَةٍ (عَظْمًا أَوْ سِنًّا أُخْرَى وَلَوْ مِنْ آدَمِيٍّ فَثَبَتَتْ لَمْ تَسْقُطْ دِيَةُ) السِّنِّ (الْمَقْلُوعَةِ) كَمَا لَوْ لَمْ يُجْعَلْ مَكَانَهَا شَيْءٌ (وَعَلَى مُبِينِ مَا ثَبَتَ) مِنْ ذَلِكَ (حُكُومَةً) لِأَنَّهُ يَنْقُصُ بِإِبَانَتِهَا، وَلَا يَجِبُ بِهِ دِيَتُهَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيِّ) مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ وَارِثُهُ إذَا ادَّعَى جَانٍ عَلَى طَرَفِهِ عَوْدًا وَالْتِحَامَ مَا قَطَعَهُ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشُ نَقْصِهِ وَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ (بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ عَوْدِهِ وَالْتِحَامِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَبَقِيَ الضَّمَانُ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى مَا يُسْقِطُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَادَّعَى الْإِبْرَاءَ مِنْهُ أَوْ الْوَفَاءَ (وَلَوْ كَانَ الْتِحَامُهُ) أَيْ الْقَطْعَ (مِنْ جَانٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ أُقِيدَ ثَانِيًا) نَصًّا لِأَنَّهُ أَبَانَ عُضْوًا مِنْ غَيْرِهِ دَوَامًا، فَكَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إبَانَتُهُ مِنْهُ، كَذَلِكَ لِتَحْقِيقِ الْمُقَاصَّةِ.
[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّانِي مِمَّا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]
مِمَّا يُوجِبُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (الْجُرُوحُ وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ (فِيهَا) أَيْ الْجُرُوحِ زِيَادَةً عَلَى مَا سَبَقَ (انْتِهَاؤُهَا إلَى عَظْمٍ كَجَرْحِ عَضُدٍ وَسَاعِدٍ وَفَخِذٍ وَسَاقٍ وَقَدَمٍ وَكَمُوضِحَةٍ) فِي رَأْسٍ أَوْ وَجْهٍ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَلِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِلَا حَيْفٍ وَلَا زِيَادَةٍ لِانْتِهَائِهِ إلَى عَظْمٍ فَأَشْبَهَ الْمُوضِحَةَ الْمُتَّفَقُ عَلَى جَوَازِ الْقِصَاصِ فِيهَا وَلَا قِصَاصَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشِّجَاجِ وَالْجُرُوحِ، كَمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ أَوْ أَعْظَمَ مِنْهَا (وَلِمَجْرُوحٍ) جُرْحًا (أَعْظَمَ مِنْهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ (كَهَاشِمَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ وَمَأْمُومَةٍ أَنْ يَقْتَصَّ مُوضِحَةً) لِأَنَّهُ يُقْتَصُّ بَعْضَ حَقِّهِ وَمِنْ مَحِلِّ جِنَايَتِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضَعُ السِّكِّينَ فِي مَوْضِعِ وَضْعِ الْجَانِي لِوُصُولِ سِكِّينِ الْجَانِي إلَى الْعَظْمِ بِخِلَافِ قَاطِعِ السَّاعِدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَضَعْ سِكِّينَهُ فِي الْكُوعِ (وَيَأْخُذُ) إذَا اقْتَصَّ مُوضِحَةً (مَا بَيْنَ دِيَتِهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ (وَدِيَةِ تِلْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute