[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
(وَهُوَ: لُغَةً) التَّخْلِيَةُ.
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: أُطْلِقَتْ النَّاقَةُ فَطُلِقَتْ إذَا كَانَتْ مَشْدُودَةً فَأَزَلْت الشَّدَّ عَنْهَا وَخَلَّيْتُهَا فَشُبِّهَ مَا يَقَعُ بِالْمَرْأَةِ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً الْأَسْبَابِ بِالزَّوْجِ،، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: طَلَّقْتُ الْمَرْأَةَ فَطَلَقَتْ، وَأَطْلَقَتْ النَّاقَةَ مِنْ الْعِقَالِ فَانْطَلَقَتْ هَذَا الْكَلَامُ الْجَيِّدُ. وَشَرْعًا (حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ أَوْ) حَلُّ (بَعْضِهِ) أَيْ: قَيْدِ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ، وَالرُّجْعَى،، وَأَجْمَعُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ ; وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ التَّنَافُرِ وَالتَّبَاغُضِ مَا يُوجِبُ الْخُصُومَةَ الدَّائِمَةَ، فَلُزُومُ النِّكَاحِ إذَنْ ضَرَرٌ فِي حَقِّهَا وَمَفْسَدَةٌ مَحْضَةٌ بِلَا فَائِدَةٍ فَوَجَبَ إزَالَتُهَا بِالتَّرْكِ لِيَخْلُصَ كُلٌّ مِنْ الضَّرَرِ.
(وَيُكْرَهُ) الطَّلَاقُ (بِلَا حَاجَةٍ) لِإِزَالَتِهِ النِّكَاحَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْمَصَالِحِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا، وَلِحَدِيثِ " «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» " (وَيُبَاحُ) الطَّلَاقُ (عِنْدَهَا) أَيْ: الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَسُوءِ خُلُقِ الْمَرْأَةِ، وَالتَّضَرُّرِ بِهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا (وَيُسَنُّ) الطَّلَاقُ (لِتَضَرُّرِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ بِاسْتِدَامَةِ (نِكَاحٍ) كَحَالِ الشِّقَاقِ وَمَا يُحْوِجُ الْمَرْأَةَ إلَى الْمُخَالَعَةِ لِيُزِيلَ ضَرَرَهَا.
(وَ) يُسَنُّ الطَّلَاقُ أَيْضًا (لِتَرْكِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (صَلَاةً، وَعِفَّةً وَنَحْوَهُمَا) لِتَفْرِيطِهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إجْبَارُهَا عَلَيْهَا ; وَلِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا لِدِينِهِ وَلَا يَأْمَنُ مِنْ إفْسَادِ فِرَاشِهِ، وَإِلْحَاقِهَا بِهِ وَلَدًا مِنْ غَيْرِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً وَلَهُ عَضْلُهَا إذَنْ وَالتَّضْيِيقُ عَلَيْهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: ١٩] (وَهِيَ) أَيْ: الزَّوْجَةُ (كَهُوَ) أَيْ: الزَّوْجِ (فَيُسَنُّ) لَهَا (أَنْ تَخْتَلِعَ) مِنْهُ (إنْ تَرَكَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى) كَصَلَاةٍ، وَصَوْمٍ، وَيَحْرُمُ الطَّلَاقُ فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute