للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهَا ; لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَ (فَيَقْبِضُهُ) أَيْ: الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ بَاعَهَا ذِمِّيٌّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَهْنٌ لِقَوْلِ عُمَرَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ مَعَهُمْ الْخُمُورُ " وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا وَخُذُوا مِنْ أَثْمَانِهَا " (أَوْ يُبْرِئُ) رَبُّ الدَّيْنِ (مِنْهُ) وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ رَهْنٍ مِنْ مَدِينٍ وَلَا بِإِذْنِهِ ; لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنَهُ بِلَا إذْنِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَرْهَنَ عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَ الْإِنْسَانُ مَالَ نَفْسِهِ عَلَى دَيْنِ غَيْرِهِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ وَأَوْلَى.

[فَصْلٌ وَلَا يَلْزَمُ رَهْنٌ إلَّا فِي حَقِّ رَاهِنٍ]

ٍ) ; لِأَنَّ الْأَحَظَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ فَلَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ كَالضَّمَانِ بِخِلَافِ مُرْتَهِنٍ ; لِأَنَّ الْأَحَظَّ فِيهِ لَهُ وَحْدَهُ فَكَانَ لَهُ فَسْخُهُ كَالْمَضْمُونِ لَهُ (بِقَبْضٍ) لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ فَافْتَقَرَ إلَى الْقَبْضِ كَالْقَرْضِ وَقَبْضُ رَهْنٍ (كَقَبْضِ مَبِيعٍ) عَلَى مَا سَبَقَ فَيَلْزَمُ بِهِ

(وَلَوْ) كَانَ الْقَبْضُ (مِمَّنْ اتَّفَقَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ ; لِأَنَّهُ وَكِيلُ مُرْتَهِنٍ فِي ذَلِكَ، وَعَبْدُ رَاهِنٍ وَأُمُّ وَلَدٍ كَهُوَ، بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ (وَيُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ الْقَبْضِ (إذْنُ وَلِيِّ أَمْرٍ) أَيْ حَاكِمٍ (لِمَنْ جُنَّ وَنَحْوِهِ) كَمَنْ حَصَلَ لَهُ بِرْسَامٌ بَعْدَ عَقْدِ رَهْنٍ وَقَبْلَ إقْبَاضِهِ ; لِأَنَّ وِلَايَتَهُ لِلْحَاكِمِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ نَوْعُ تَصَرُّفٍ فِي الْمَالِ، فَاحْتِيجَ إلَى نَظَرٍ فِي الْأَحَظِّ، فَإِنْ كَانَ الْأَحَظِّ فِي إقْبَاضِهِ كَأَنْ شُرِطَ فِي بَيْعٍ وَالْحَظُّ فِي إتْمَامِهِ أَقْبَضَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ فَإِنْ قَبَضَهُ مُرْتَهِنٌ بِلَا إذْنِ رَاهِنٍ أَوْ وَلِيِّهِ وَلَمْ يَكُنْ قَبْضًا وَإِنْ مَاتَ رَاهِنٌ قَبْلَ إقْبَاضِهِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ أَبَى لَمْ يُجْبَرْ كَالْمَيِّتِ وَإِنْ أَحَبَّ إقْبَاضَهُ وَلَيْسَ عَلَى الْمَيِّتِ سِوَى هَذَا الدَّيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ

(وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ) رَاهِنٍ (إقْبَاضُهُ) أَيْ الرَّهْنِ (ثُمَّ غَرِيمٍ) لِلْمَيِّتِ (لَمْ يَأْذَنْ) فِيهِ نَصًّا ; لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لَهُ بِرَهْنٍ لَمْ يَلْزَمْ، وَسَوَاءٌ مَاتَ أَوْ جُنَّ وَنَحْوُهُ قَبْلَ الْإِذْنِ أَوْ بَعْدَهُ لِبُطْلَانِ الْإِذْنِ بِهِمَا

(وَلِرَاهِنٍ الرُّجُوعُ) فِي رَهْنٍ أَيْ فَسْخُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ الْإِقْبَاضِ (وَلَوْ أَذِنَ) الرَّاهِنُ (فِيهِ) أَيْ: الْقَبْضِ لِعَدَمِ لُزُومِ الرَّهْنِ إذَنْ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ فَإِنْ تَصَرَّفَ بِمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فِيهِ أَوْ رَهَنَهُ ثَانِيًا بَطَلَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ أَقْبَضَ الثَّانِي أَوْ لَا، لِخُرُوجِهِ عَنْ إمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ زَوَّجَ الْأَمَةَ لَمْ يَبْطُلْ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ، فَلَا يَقْطَعُ اسْتِدَامَتَهُ كَاسْتِخْدَامِهِ

(وَيَبْطُلُ إذْنُهُ) أَيْ الرَّاهِنِ فِي الْقَبْضِ (بِنَحْوِ إغْمَاءٍ) وَحَجْرٍ لِسَفَهٍ (وَخَرَسٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>