للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ حَمْدَانَ: إنْ تَعَذَّرَ تَضْمِينُ الْجَانِي) أَيْ عَلَى الصَّغِيرِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ تَضْمِينُهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَالْمُرْسِلُ مُتَسَبِّبٌ.

(وَإِنْ كَانَ) الْمُرْسِلُ فِي حَاجَةٍ (قِنًّا) وَأَرْسَلَهُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ (فَكَغَصْبِهِ) فَيَضْمَنُ جِنَايَتَهُ، وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي الْغَصْبِ.

(وَمَنْ أَلْقَى حَجَرًا أَوْ عَدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ) السَّفِينَةُ بِذَلِكَ (ضَمِنَ جَمِيعَ مَا فِيهَا) لِحُصُولِ التَّلَفِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ خَرَقَهَا (وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقِ فَقَتَلَ الْحَجَرُ رَابِعًا قَصَدُوهُ) أَيْ الرُّمَاةُ (فَعَمْدٌ) فِيهِ الْقَوَدُ لِقَصْدِهِمْ الْقَتْلَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَمَا لَوْ ضَرَبُوهُ بِمُثَقَّلٍ يَقْتُلُ غَالِبًا (وَلَا) يَقْصِدُوهُ (فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ دِيَتُهُ أَثْلَاثًا) لِأَنَّهُ خَطَأٌ، (وَإِنْ قَتَلَ) الْحَجَرُ (أَحَدَهُمْ) أَيْ: الرُّمَاةِ (سَقَطَ فِعْلُ نَفْسِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ) لِمُشَارَكَتِهِ فِي إتْلَافِ نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ شَارَكَ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ أَوْ دَابَّتِهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ) لِوَرَثَتِهِ (ثُلُثَا دِيَتِهِ) وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَارِصَةِ وَالْقَامِصَةِ وَالْوَاقِصَةِ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ ثَلَاثَ جَوَارٍ اجْتَمَعْنَ فَرَكِبَتْ إحْدَاهُنَّ عَلَى عُنُقِ الْأُخْرَى، وَقَرَصَتْ الثَّالِثَةُ الْمَرْكُوبَةَ فَقَمَصَتْ فَسَقَطَتْ الرَّاكِبَةُ فَوَقَعَتْ فَوَقَصَتْ عُنُقَهَا فَمَاتَتْ. فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عَلِيٍّ فَقَضَى بِالدِّيَةِ أَثْلَاثًا عَلَى عَوَاقِلِهِنَّ وَأَلْغَى الثُّلُثَ الَّذِي قَابَلَ فِعْلَ الْوَاقِصَةِ لِأَنَّهَا أَعَانَتْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهَا، وَلِأَنَّ الْمَقْتُولَ شَارَكَ فِي الْقَتْلِ فَلَمْ تَكْمُلْ الدِّيَةُ عَلَى شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ قَتَلُوا غَيْرَهُمْ وَقِيَاسُهُ مَسْأَلَةُ التَّجَاذُبِ وَالتَّصَادُمِ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَهُوَ الْعَدْلُ. لَكِنَّ الْمَذْهَبَ مَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ زَادُوا) أَيْ الرُّمَاةُ (عَلَى ثَلَاثَةٍ) وَقَتَلَ الْحَجَرُ آخَرَ غَيْرَهُمْ (فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ فِي أَمْوَالِهِمْ) ; لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ، وَلَا تَأْجِيلَ فِيهِ (وَلَا يَضْمَنُ مَنْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَأَمْسَكَ الْكِفَّةَ) فَقَطْ حَيْثُ رَمَى غَيْرَهُ (كَمَنْ أَوْتَرَ) الْقَوْسَ (وَقَرَّبَ السَّهْمَ) وَلَمْ يَرْمِ، بَلْ الضَّمَانُ عَلَى الرَّامِي.

[فَصْلٌ أَتْلَفَ نَفْسَهُ أَوْ طَرَفَهُ خَطَأً]

وَمَنْ أَتْلَفَ نَفْسَهُ أَوْ طَرَفَهُ خَطَأً فَهَدَرٌ كَعَمْدٍ، أَيْ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ نَفْسَهُ أَوْ طَرَفَهُ. عَمْدًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ الْأَكْوَعِ يَوْمَ خَيْبَرَ رَجَعَ سَيْفُهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيهِ بِدِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَوْ وَجَبَتْ فِيهِ دِيَةٌ لَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَنُقِلَ نَقْلًا ظَاهِرًا. وَالدِّيَةُ إنَّمَا وَجَبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>