كَثِيرًا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَخْلُوقًا مِنْ مَائِهِ فَلَا يَكُونُ قَذْفًا لِأُمِّهِ مَعَ احْتِمَالِ إلَّا مَعَ إرَادَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ.
(وَ) قَوْلُ إنْسَانٍ لِغَيْرِهِ (أَنْتِ أَزْنَى النَّاسِ أَوْ) أَنْتِ أَزْنَى (مِنْ فُلَانَةَ) أَوْ فُلَانٍ صَرِيحٌ فِي الْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ فَقَطْ لِاسْتِعْمَالِ أَفْعَلَ فِي الْمُنْفَرِدِ بِالْفِعْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} [يونس: ٣٥] وَقَوْلِهِ: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} [الأنعام: ٨١] وَقَوْلِهِمْ: الْعَسَلُ أَحْلَى مِنْ الْخَلِّ (أَوْ قَالَ لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ (يَا زَانِيَةُ أَوْ) قَالَ (لَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (يَا زَانٍ صَرِيحٌ فِي الْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ) لِأَنَّ مَا كَانَ قَذْفًا لِأَحَدِ الصِّنْفَيْنِ كَانَ قَذْفًا لِلْمُخَاطَبِ وَقَدْ يَكُونُ التَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ بِمُلَاحَظَةِ الذَّاتِ وَالشَّخْصِ وَ (كَفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا لَهُمَا) أَيْ: الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (فِي) قَوْلِهِ (زَنَيْت) لِأَنَّهُ خِطَابٌ لَهُمَا وَإِشَارَةٌ إلَيْهِمَا بِلَفْظِ الزِّنَا، كَقَوْلِهِ لِامْرَأَةٍ: يَا شَخْصًا زَانِيًا وَلِرَجُلٍ يَا نَسَمَةَ زَانِيَةً (وَلَيْسَ) الْقَائِلُ: أَنْتَ أَزْنَى مِنْ فُلَانَةَ (بِقَاذِفٍ لِفُلَانَةَ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِقَوْلِ لُوطٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: ٧٨] أَيْ: مِنْ أَدْبَارِ الذُّكُورِ، وَلَا طَهَارَةَ فِيهَا (وَمَنْ قَالَ عَنْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا زَانٍ فَقَالَ) لَهُ (أَحَدُهُمَا: أَنَا؟ فَقَالَ) لَهُ (لَا فَ) هُوَ (قَذْفٌ لِلْآخَرِ) لِتَعَيُّنِهِ بِنَفْيِهِ عَنْ الْآخَرِ (وَ) قَوْلُهُ لِآخَرَ (زَنَأْت مَهْمُوزًا صَرِيحٌ) فِي قَذْفِهِ (وَلَوْ زَادَ فِي الْجَبَلِ أَوْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ) لِأَنَّ عَامَّةَ النَّاسِ لَا يَفْقَهُونَ مِنْهُ إلَّا الْقَذْفَ كَغَيْرِ الْمَهْمُوزِ.
[فَصْلٌ كِنَايَة القذف وَالتَّعْرِيضُ بِهِ]
فَصْلٌ وَكِنَايَتُهُ وَالتَّعْرِيضُ بِهِ (زَنَتْ يَدَاك أَوْ) زَنَتْ رِجْلَاك أَوْ زَنَتْ (يَدُك أَوْ) زَنَتْ (رِجْلُك أَوْ) زَنَى (بَدَنُك) لِأَنَّ زِنَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ. لِحَدِيثِ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ» (وَيَا خَنِيثُ بِالنُّونِ وَيَا نَظِيفُ يَا عَفِيفُ وَ) لِامْرَأَةٍ (يَا قَحْبَةُ يَا فَاجِرَةُ يَا خَبِيثَةُ، وَلِزَوْجَةِ شَخْصٍ قَدْ فَضَحْته وَغَطَّيْت) رَأْسَهُ (أَوْ نَكَّسْت رَأْسَهُ وَجَعَلْت لَهُ قُرُونًا وَعَلَّقْت عَلَيْهِ أَوْلَادًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَفْسَدْت فِرَاشَهُ وَ) قَوْلُهُ (لِعَرَبِيٍّ يَا نَبَطِيُّ) أَوْ (يَا فَارِسِيُّ) أَوْ (يَا رُومِيُّ وَ) قَوْلُهُ (لِأَحَدِهِمْ) أَيْ: لِنَبَطِيٍّ وَفَارِسِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ (يَا عَرَبِيُّ وَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute