قَوْلُهُ (لِمَنْ يُخَاصِمُهُ يَا حَلَالُ يَا ابْنَ الْحَلَالِ مَا يَعْرِفُك النَّاسُ بِالزِّنَا، أَوْ مَا أَنَا بِزَانٍ مَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ، أَوْ يَسْمَعُ مَنْ يَقْذِفُ شَخْصًا فَيَقُولُ) لَهُ (صَدَقْت أَوْ صَدَقْت فِيمَا قُلْت، أَوْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ) أَنَّك زَنَيْت (أَوْ أَشْهَدَنِي أَنَّك زَنَيْت وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ) .
وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلُهُ: لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ كِنَايَةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا أَرَى الْحَدَّ إلَّا عَلَى مَنْ صَرَّحَ بِالْقَذْفِ أَوْ الشِّتْمَةِ (فَإِنْ فَسَّرَهُ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ (بِمُحْتَمَلٍ غَيْرِ الْقَذْفِ) كَقَوْلِهِ: أَرَدْت بِالنَّبَطِيِّ نَبَطِيَّ اللِّسَانِ وَنَحْوَهُ، وَبِالرُّومِيِّ رُومِيَّ الْخِلْقَةِ، وَبِقَوْلِي: أَفْسَدْت فِرَاشَهُ أَيْ خَرَقْته أَوْ أَتْلَفْته، وَبِقَوْلِي عَلَّقْت عَلَيْهِ أَوْلَادًا مِنْ غَيْرِهِ الْتَقَطْت أَوْلَادًا وَنَسَبْتهمْ إلَيْهِ، وَالْمُخَنَّثِ أَنَّ فِيهِ طِبَاعَ التَّأْنِيثِ أَيْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ، وَبِقَحْبَةٍ: أَنَّهَا تَتَصَنَّعُ لِلْفُجُورِ وَنَحْوِهِ (قُبِلَ) مِنْهُ (وَعُزِّرَ) لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ كَمَا يُعَزَّرُ بِ (قَوْلِهِ: يَا كَافِرُ يَا فَاسِقُ يَا فَاجِرُ يَا حِمَارُ يَا تَيْسُ يَا رَافِضِيُّ يَا خَبِيثَ الْبَطْنِ أَوْ) يَا خَبِيثَ (الْفَرْجِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ يَا ظَالِمُ يَا كَذَّابُ يَا خَائِنُ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ يَا مُخَنَّثُ) نَصًّا (يَا قَرْنَانُ يَا قَوَّادُ وَنَحْوُهُمَا يَا دَيُّوثُ يَا كَشْخَانُ يَا قْرْطُبَانُ) قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: الدَّيُّوثُ الَّذِي يُدْخِلُ الرِّجَالَ عَلَى امْرَأَتِهِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْقَرْطُبَانُ الَّذِي يَرْضَى أَنْ يَدْخُلَ الرِّجَالُ عَلَى نِسَائِهِ. وَقَالَ: الْقَرْنَانُ وَالْكَشْخَانُ لَمْ أَرَهُمَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَمَعْنَاهُمَا عِنْدَ الْعَامَّةِ مِثْلُ مَعْنَى الدَّيُّوثِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ وَالْقَوَّادُ عِنْدَ الْعَامَّةِ السِّمْسَارُ فِي الزِّنَا وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ قَوْلُهُ يَا عِلْقُ. وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّ قَوْلَهُ (يَا عِلْقُ) تَعْرِيضٌ (وَ) لَفْظُ (مَأْبُونٍ كَمُخَنَّثٍ عُرْفًا) .
وَفِي الْفُنُونِ: هُوَ لُغَةً الْعَيْبُ وَيَقُولُونَ: عُودٌ مَأْبُونٌ، وَالِابْنُ: الْجُنُونُ، وَالْأُبْنَةُ: الْعَيْبُ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الزَّاهِرِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عُرْفٌ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْفِعْلِ بِهِ أَوْ الْفِعْلِ مِنْهُ فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ. لِأَنَّ الْأُبْنَةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا لَا تُعْطِي أَنَّهُ يَفْعَلُ بِمُقْتَضَاهَا إلَّا بِقَوْلٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى الْفِعْلِ كَقَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ يَا شَبِقَةُ يَا مُغْتَلِمَةُ
(وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلَدٍ) عُزِّرَ أَوْ قَذَفَ (جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ الزِّنَا مِنْهُمْ عَادَةً) عُزِّرَ. لِأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ الْقَاذِفِ (أَوْ اخْتَلَفَا) فِي أَمْرٍ (فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْكَاذِبُ ابْنُ الزَّانِيَةِ عُزِّرَ وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ نَصًّا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْكَاذِبِ (كَقَوْلِهِ: مَنْ رَمَانِي فَهُوَ ابْنُ الزَّانِيَةِ) وَيُعَزَّرُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَكِنْ يُتَوَجَّهُ أَنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ غِيبَةِ أَهْلِ قَرْيَةٍ لَا أَحَدِ هَؤُلَاءِ أَوْ وَصَفَ رَجُلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute