مَوْقُوفَةٍ، أَوْ يَأْوِي إلَى مَكَان جُعِلَ لِلْمَارَّةِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعْرُوفِ الَّتِي لَا غَضَاضَةَ فِيهَا، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِهَا فِي حَقِّ الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، مَعَ أَنَّ فِي الْخَبَرِ «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» وَلِكُلِّ مَنْ مُنِعَ الزَّكَاةَ مِنْ هَاشِمِيٍّ (و) غَيْرِهِ الْأَخْذُ (مِنْ نَذْرٍ) مُطْلَقٍ دُخُولُهُ فِيهَا غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و (لَا) يَأْخُذُ مَنْ مُنِعَ الزَّكَاةَ مِنْ (كَفَّارَةٍ) لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ بِالشَّرْعِ، أَشْبَهَتْ الزَّكَاةَ، بَلْ أَوْلَى. لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّتِهَا لِمَحْوِ الذَّنْبِ فَهِيَ مِنْ أَشَدِّ أَوْسَاخِ النَّاسِ.
(وَيُجْزِئُ) دَفْعُ زَكَاتِهِ (إلَى ذَوِي أَرْحَامِهِ) غَيْرِ عَمُودِيِّ نَسَبِهِ كَأَخْوَالِهِ وَأَوْلَادِ أُخْتِهِ (وَلَوْ وَرِثُوا) لِحَدِيثِ «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ لِذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» وَلِأَنَّ قَرَابَتَهُمْ ضَعِيفَةٌ.
(وَ) يُجْزِئُ دَفْعُ زَكَاةٍ إلَى (بَنِي الْمُطَّلِبِ) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ لَهُمْ خَرَجَ مِنْهَا بَنُو هَاشِمٍ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُمْ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّ بَنِي هَاشِمٍ أَشْرَفُ وَأَقْرَبُ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَارَكُوهُمْ فِي الْخُمْسِ بِالنُّصْرَةِ مَعَ الْقَرَابَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ» وَالنُّصْرَةُ لَا تَقْتَضِي حِرْمَانَ الزَّكَاةِ.
(و) يُجْزِئُ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ دَفْعُهَا إلَى (مَنْ تَبَرَّعَ بِنَفَقَتِهِ بِضَمِّهِ إلَى عِيَالِهِ) كَيَتِيمٍ غَيْرِ وَارِثٍ، لِدُخُولِهِ فِي الْعُمُومَاتِ، وَلَا نَصَّ وَلَا إجْمَاعَ يُخْرِجُهُ، بَلْ رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَنِي أَخٍ لَهَا أَيْتَامٌ فِي حِجْرِهَا فَتُعْطِيهِمْ زَكَاتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» (أَوْ) مَنْ (تَعَذَّرَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ قَرِيبٍ بِغَيْبَةٍ أَوْ امْتِنَاعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا) كَمَنْ لَهُ عَقَارٌ وَتَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ.
(وَإِنْ دَفَعَهَا) أَيْ: الزَّكَاةَ رَبُّ الْمَالِ (لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا لِجَهْلٍ) مِنْهُ بِحَالِهِ، بِأَنْ دَفَعَهَا لِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ أَوْ هَاشِمِيٍّ أَوْ وَارِثِهِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ (ثُمَّ عَلِمَ) (لَمْ تُجْزِئْهُ) لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى حَالُهُ غَالِبًا كَدَيْنِ آدَمِيٍّ، وَتُرَدُّ بِنَمَائِهَا مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا قَابِضٌ، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، (إلَّا لِغَنِيٍّ إذَا ظَنَّهُ فَقِيرًا) فَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَتُجْزِئُهُ ; لِأَنَّ الْغَنِيَّ مِمَّا يُخْفِي، وَلِذَلِكَ اكْتَفَى فِيهِ بِقَوْلِ الْآخِذِ.
[فَصْلٌ تُسَنُّ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ بِفَاضِلٍ عَنْ كِفَايَةٍ دَائِمَةٍ]
فَصْلٌ وَتُسَنُّ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ بِفَاضِلٍ عَنْ كِفَايَةٍ دَائِمَةٍ (بِمُتَّجَرٍ أَوْ غَلَّةٍ أَوْ صَنْعَةٍ عَنْهُ) أَيْ: الْمُتَصَدِّقِ (وَعَمَّنْ يَمُونُهُ) لِحَدِيثِ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute