قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ: وَهَذَا حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُرَدُّ (وَيَزُولُ ضَمَانُهُ) أَيْ الْمُحَرَّمِ الْتِقَاطُهُ (بِدَفْعِهِ إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) ; لِأَنَّ لَهُ نَظَرًا فِي مَالِ الْغَائِبِ (أَوْ رَدَّهُ) أَيْ: الْمَأْخُوذِ مِنْ ذَلِكَ (إلَى مَكَانِهِ) الْمَأْخُوذِ مِنْهُ (بِأَمْرِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لِقَوْلِ عُمَرَ لِرَجُلٍ وَجَدَ بَعِيرًا " أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَلِأَنَّ أَمْرَهُ بِرَدِّهِ كَأَخْذِهِ مِنْهُ. فَإِنْ رَدَّهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ كَالْمَسْرُوقِ وَالْمَغْصُوبِ. الْقِسْمُ (الثَّالِث: مَا عَدَاهُمَا) أَيْ: الْقِسْمَيْنِ السَّابِقَيْنِ (مِنْ ثَمَنٍ) أَيْ: نَقْدٍ (وَمَتَاعٍ) كَثِيَابٍ وَكُتُبٍ وَفُرُشٍ وَأَوَانٍ وَآلَاتِ حَرْثٍ وَنَحْوِهَا (وَغَنَمٍ وَفُصْلَانِ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا جَمْعُ فَصِيلٍ وَلَدُ النَّاقَةِ إذَا فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ (وَعَجَاجِيلَ) جَمْعُ عِجْلٍ وَلَدُ الْبَقَرَةِ (وَأَفْلَاءٍ) بِالْمَدِّ جَمْعُ فِلْوٍ، بِوَزْنِ سِحْرٍ وَجَرْوٍ وَعَدُوٍّ وَسُمُوٍّ. وَهُوَ الْجَحْشُ وَالْمُهْرُ إذَا فُطِمَا أَوْ بَلَغَا السَّنَةَ. قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ (وَقِنٍّ صَغِيرٍ) وَمَرِيضٍ مِنْ كِبَارِ إبِلٍ وَنَحْوِهَا كَالصَّغِيرِ (وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَخَشَبَةٍ صَغِيرَةٍ وَقِطْعَةِ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ وَزِقِّ دُهْنٍ أَوْ عَسَلٍ وَغِرَارَةِ نَحْوِ بُرٍّ (فَيُحَرَّمُ عَلَى مَنْ لَا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ مِمَّا ذَكَرَ (أَخْذُهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِهَا عَلَى رَبِّهَا كَإِتْلَافِهَا وَكَمَا لَوْ نَوَى تَمَلُّكَهَا فِي الْحَالِ أَوْ كِتْمَانَهَا (وَيَضْمَنُهَا بِهِ) أَيْ: بِأَخْذِهَا مَنْ لَا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا إنْ تَلِفَتْ، فَرَّطَ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ. أَشْبَهَ الْغَاصِبَ (وَلَمْ يَمْلِكْهَا) مَنْ لَا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا (وَلَوْ عَرَّفَهَا) لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُحَرِّمَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ كَالسَّرِقَةِ، وَالْخَبَرُ مَخْصُوصٌ (وَإِنْ أَمِنَ) الْمُلْتَقِطُ (نَفْسَهُ) عَلَيْهَا (وَقَوِيَ عَلَى تَعْرِيفِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا) لِلْخَبَرِ فِي النَّقْدَيْنِ وَالشَّاةِ، وَقِيسَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، وَسَوَاءٌ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. فَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَعْرِيفِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا،، وَإِنْ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ الْأَمَانَةِ ثُمَّ طَرَأَ قَصْدُ الْخِيَانَةِ فَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ لَا يَضْمَنُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ (وَالْأَفْضَلُ) لِمَنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا وَقَوِيَ عَلَى تَعْرِيفِهَا (تَرْكُهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ. فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا. رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ (وَلَوْ) وَجَدَهَا (بِمَضْيَعَةٍ) ; لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا لِنَفْسِهِ لِأَكْلِ الْحَرَامِ وَتَضْيِيعِ الْأَمَانَةِ فِيهَا (وَمَنْ أَخَذَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا أَوْ فَرَّطَ) فِيهَا فَتَلِفَتْ (ضَمِنَهَا) لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ. وَتَرْكُهَا وَالتَّفْرِيطُ فِيهَا تَضْيِيعٌ لَهَا (إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِرَدِّهَا) إلَى مَوْضِعِهَا فَيَبْرَأُ بِهِ. وَكَذَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ ; لِأَنَّ لَهُ نَظَرًا فِي الْمَالِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ. فَإِنْ تَلِفَتْ مِنْهُ فِي حَوْلِ التَّعْرِيفِ بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْهَا
[فَصْلٌ وَمَا أُبِيحَ الْتِقَاطُهُ وَلَمْ يُمْلَكْ بِهِ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِث ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute