(وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَالنَّظَرِ إلَيْهِ) مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ (وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ) نَصًّا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ " «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ، حَتَّى رَأَيْت الدُّمُوعَ تَسِيلُ» " صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ.
[فَصْلٌ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ]
ِ (وَغُسْلُهُ مَرَّةً، أَوْ يُمِّمَ لِعُذْرٍ) مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَجْزٍ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ لِخَوْفِ نَحْوِ تَقَطُّعٍ أَوْ تَهَرٍّ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) إجْمَاعًا عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ " «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْ أَوْصَى بِإِسْقَاطِهِ لَمْ يَسْقُطْ.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ (وَيَنْتَقِلُ) ثَوَابُ غُسْلِهِ (إلَى ثَوَابِ فَرْضِ عَيْنٍ، مَعَ جَنَابَةِ) مَيِّتٍ (أَوْ حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ وَنَحْوِهِ كَانَ بِهِ، لِأَنَّ الْغُسْلَ تَعَيَّنَ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَاَلَّذِي يَتَوَلَّى غُسْلَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ فَيَكُونُ ثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ، هَكَذَا حَمَلَ الْمُصَنَّفُ قَوْلَ التَّنْقِيحِ: وَيُعَيَّنُ مَعَ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ: عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى تَعْيِينِ غُسْلِهِ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ، بِهِ، لِسُقُوطِهِ بِوَاحِدٍ (وَيَسْقُطَانِ) أَيْ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ (بِهِ) أَيْ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ (سِوَى شَهِيدِ مَعْرَكَةٍ) وَهُوَ مَنْ مَاتَ بِسَبَبِ قِتَالِ كُفَّارٍ وَقْتَ قِيَامِ قِتَالٍ، فَلَا يُغَسَّلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: " {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩] " وَالْحَيُّ لَا يُغَسَّلُ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ " «لَا تُغَسِّلُوهُمْ فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ، أَوْ كُلَّ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُوجَدُ فِي غَيْرِهِمْ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ خَاصٌّ بِهِمْ، وَسُمِّيَ شَهِيدًا لِأَنَّهُ حَيٌّ، أَوْ لِأَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، أَوْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ حَتَّى قُتِلَ وَنَحْوِهِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ.
(وَ) سِوَى (مَقْتُولٍ ظُلْمًا) كَمَنْ قَتَلَهُ نَحْوُ لِصٍّ أَوْ أُرِيدَ مِنْهُ الْكُفْرُ، فَقُتِلَ دُونَهُ، أَوْ أُرِيدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ فَقَاتَلَ دُونَ ذَلِكَ فَقُتِلَ لِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا " «مَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute